تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تململ الخليفة المأمون منهم لدرجة أن المسلمين كانوا يتظلمون منهم أو كما قال: "قالعمرو بن عبد الله الشيباني: استحضرني المأمون في بعض لياليه ونحن بمصر، فقال لي: قدكثرت سعايات النصارى، وتظلم المسلمون منهم، وخذلوا السلطان فيماله". وكانت هذه آخر حركة عصيان مسلح قام به الأقباط، وخاصة أقباط الوجه البحري. ورغم نقضهم لجميع الاتفاقيات المتعلقة بأهل الذمة خلال هذه الفترات التاريخية إلا أن الحكام المسلمين كانوا يعفون عنهم. وكان في إمكان هؤلاء الحكاموالولاة أن يبيدوهم عن بكرة أبيهم بموجب قانون الحرب. وكانت لدى هؤلاء الحجة، وهي نقضالأقباط العقود المتعلقة بأهل الذمة. لكنهم للأسف الشديد ظلوا يتربصون بالمسلمينالدوائر، خاصة في حالات ضعف الدولة الإسلامية أو في حالات العدوان الذي شنه أعداءالأمة الإسلامية بدءًا من الصليبيين الأوائل ومرورا بالعدوان الفرنسي على مصر 1213هـ الموافق 1798م، وانتهاء بالصليبيين الجدد (احتلال بريطانيا لمصر عام1882م، ثم موقف بعض الضباط النصارى والجنود إبان العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م عندما كانوا يذهبون للجنود الفرنسيين ويقولون لهم: نحن مسيحيون مثلكم. وكانتفضيحة بكل المقاييس. لذلك غضت الدولة الطرف عنها ولم تسلط عليها أضواء وسائل الإعلامخشية غضبة الأمريكان الذين تدخلوا لمساعدة حكومة ناصر في ذلكالوقت.

النقطة الثانية: عيسى العوام رمز الوحدة الوطنية (الهلال والصليب). لقد اختار النظام المصري في حقبة الستينات قصة شاب اسمهعيسى العوام وزعموا أنه كان نصرانيا، هذا الشاب الذي كان يحارب مع السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، وكان ماهرا في الغوص والعوم ويتجسس على الصليبيين وينقلالرسائل ويهربها للسلطان صلاح الدين. وكانت هذه القصة ضمن المقرر الدراسي لتلاميذ المرحلة الابتدائية. ولم يكتفوا بذلك بل شُخِّصَتْ في فيلم "الناصر صلاح الدين" ليؤكدواعلى هذه الوحدة الوطنية الموهومة ليثبتوا أن الأقباط شركاء للمسلمين في الوطن (مصر) وأنهم شركاء في مقاومة المحتل (الصليبيين، الفرنسيس، الإنجليز) ثم ثبت أن أصلالقصة مختلق ولا علاقة لعيسى العوام الحقيقي بعيسى العوام "النسخة المعدَّلة" لعبدالرحمن الشرقاوي وكتبة سيناريو فيلم الناصر صلاح الدين.

وحتى لا يظن ظان أننانفتري على القوم سنستعين بشاهد عيان ومؤرخ أمين (بهاء الدين بن شداد- ت632هـ)، فقدكان موجودا في عكا إبان حصار الصليبين لهم في سنة 586هـ. وقد ذكر ذلك بالتفصيل فيكتابه الماتع: "المحاسن اليوسفية"، وهذا نصه: عيسى الغواص الحقيقي كانمسلما. قال ابن شداد: "ومن نوادر هذه الواقعة ومحاسنها أن عواما مسلما كان يقال له: عيسى، وكان يدخل إلى البلد بالكتب والنفقات على وسطه ليلاً علىغِرَّةٍ من العدو، وكان يغوص ويخرج من الجانب الآخر من مراكب العدو. وكان ذات ليلة شَدَّ على وسطه ثلاثة أكياس فيها ألف دينار وكُتُبٌ للعسكر، وعام في البحر فجرى عليه ماأهلكه، وأبطأ خبره عنا. وكانت عادته أنه إذا دخل البلد طار طير عرّفنا بوصوله، فأبطأالطير، فاستشعر الناس هلاكه. ولما كان بعد أيام بينما الناس على طرف البحر في البلد، وإذا البحر قد قذف إليهم ميتا غريقا، فافتقدوه فوجدوه عيسى العوام، ووجدوا على وسطهالذهب وشمع الكتب. وكان الذهب نفقة للمجاهدين، فما رُؤِيَ من أدى الأمانة في حال حياتهوقد أداها بعد وفاته إلا هذا الرجل".

النقطة الثالثة: الحملةالفرنسية (1213هـ/ 1798م- 1216هـ/ 1801م) ودور الأقباط فيها: من منا لا يعرف المعلم يعقوب حنا القبطي، وملطي، وجرجس الجوهري، وأنطوان الملقب بأبي طاقية، وبرتيلمي الملقب بفرط الرومان، ونصر الله النصراني ترجمان قائمقامبلياز، وميخائيل الصباغ، وغيرهم من زعماء النصارى الذين كانوا يعملون مع المحتلالفرنسي لمصر؟ لقد استغل نصارى مصر احتلال نابليون لمصر فتقربوا إليه واستعان بهم ليكونوا عيون جيشه حيث كانوا يرشدونهم على بيوت أمراء المماليك ورجالالمقاومة الذين كانوا يجاهدون الفرنسيس. وكل ذلك ثابت لدى الجبرتي في "عجائب الآثار" ونقولا الترك في "أخبار الفرنساوية وما وقع من أحداث في الديار المصرية"، إذ يؤكدالمؤرخان المعاصران للحملة الفرنسية أن نابليون استقدم معه جماعة من نصارى الشام الكاثوليك كتراجمة، بالإضافة إلى استعانته بنصارى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير