تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مصر الأرثوذكس. وقد ذكر الجبرتيالمعلم يعقوب القبطي، الذي كان يجمع المال من الأهالي لمصلحة الفرنسيس. بل إنالمعلم يعقوب وصل به الأمر أنْ كوَّن فرقة من الأقباط لمعاونة المحتل، إذ يقول الجبرتي: "ومنها أن يعقوب القبطي لما تظاهر مع الفرنساوية وجعلوه ساري عسكر القبطة جمع شبانالقبط وحلق لحاهم وزياهم بزي مشابه لعسكر الفرنساوية ... وصيرهم ساري عسكره وعزوته وجمعهم من أقصى الصعيد، وهدم الأماكن المجاورة لحارة النصارى التي هو ساكن بها خلفالجامع الأحمر، وبنى له قلعة وسورها بسور عظيم وأبراج وباب كبير". بل إنهم كانوايقطعون الأشجار والنخيل من جميع البساتين كما تفعل قوات الاحتلال في فلسطينوالعراق، ولم يتورعوا في هدم المدافن والمقابر وتسويتها بالأرض خوفا من تترسالمحاربين حسب وصف الجبرتي ... حتى قال: "وبثوا الأعوان وحبسوهم وضربوهم، فدُهِىَ الناسبهذه النازلة التي لم يصابوا بمثلها ولا ما يقاربها". بل كان زعيمهم برتيلمي (الذي تلقبه العامة بـ"فرط الرمان" لشدة احمرار وجهه) كان يشرف بنفسه على تعذيب المجاهدين. وهو الذي قام بحرق المجاهد سليمان الحلبي قاتل كليبر. وكان هذا البرتيلمييسير في موكب وحاشية، ويتعمد إهانة علماء المسلمين ويضيق عليهم في الطرقات محتميا في أسياده الفرنسيس تماما مثل ما يحدث في العراق اليوم من خلال الجواسيس الذينيعملون مع الاحتلال الأمريكي الذين يرشدون قوات الاحتلال على بيوتالمقاومين.

نص عريضة زعماء الأقباط إلى الجنرالمنو: "حضرة ساري عسكر العام، إن جنابكم من قبل ما فيكم منالعدل والحلم والفطنة أرسلتم تسألونا بأن نوضح لكم ما نحن به من القهر. نحن قبلالآن لم نقصد كشف جراحنا التي كانت في كل يوم تتسع شيئا فشيئا: أولاً تسليمًا للمقادير وعشمًا بكون كل واحد منا يرجع لذاته ويحاسب نفسه. ثانيًا خوفا من أن يقالعنا إننا نحب السجس (الظلم) ونواخد (نؤاخذ) بذلك من الحكام. ثالثا: ليلى (لئلا) يتضحكأننا أخصام لإخوتنا وقاصدين الشكوى عليهم. ولكن من حيث جنابكم أبو الجميع وطبيبالرعايا، وقد زاد علينا الحال حتى ظهرنا من جملة العصاة على أوامركم، وقد قاصصتمونالذلك، فاقتضى الحال أن نستغيث بكرسيكم تعيّنوا بأمركم أناسا من أهل الفطنة خاليينالغرض ممن ترونهم أنتم يقعدوا في ما بيننا ويتبصروا في حال حسابنا. وفي النهاية بعد أن يردوا الجواب لجنابكم لكم التبصر فيما تأمرون به. ومع ذلك فنرجوكم بأن لا تظنوا بكوننا قاصدين بعرضحالنا الشكوى على أحد أم قصاصه، بل قصاصنا نحن بوجه خاص إنكان (إنكان) يظهر كلامنا هذا بخلاف الواقع. ثم إن هذا الأمر يدركه أيضا خادمكم الخاص حضرةالجنرال يعقوب. ومع ذلك لأجل طبعه الوديع محتار كيف يتصرف في مثل هذه الدعوى واللهتعالى يحفظكم. من عند توابعكم المباشرين: ملطي وأنطوان". أقول: مع العلمأن ملطي هذا كان من أكبر زعماء الأقباط، وقد ظهر نجمه في أيام الاحتلال الفرنسي لمصر. وقد تولى في عهد نابليون رئاسة محكمة القضايا، وهي أول محاولة لتنحية الشريعةالإسلامية في مصر لأن هذه الهيئة كانت تتكون من اثني عشر تاجرا نصفهم من المسلمين، والنصف الآخر من النصارى. وأسند منصب رئيس المحكمة إلى قاضي قبطي هو الملطي الموقععلى العريضة السابقة للجنرال مينو، الذي خلف كليبر في الحكم، وكذلك صديقه أنطوانالذي كانت تلقبه عوام المصريين بأبي طاقية، وكان من كبار زعماء الأقباط وأكثرهم غنى. وأما الجنرال يعقوب فهو نفسه المعلم يعقوب حنا رجل الاحتلال الفرنسي وخادمهم المخلص الذي رحل معهم إلى فرنسا.

هكذا لم يثبت تاريخيا أن النصارى قاومواالاحتلال الفرنسي. وأما حكاية اختراع بطولات وهمية، مثل أن بعض الأقباط في ثورةالقاهرة الثانية كان يمد الثوار بالمال واللوازم، خاصة في منطقة بولاق أثناء حصاركليبر لأهالي بولاق، فهذه شهادة الجبرتي: "أما أكابر القبط مثل جرجس الجوهريوفلتيوس وملطي فإنهم طلبوا الأمان من المتكلمين من المسلمين لكونهم انحصروا في دورهم وفي وسطهم، وخافوا على نهب دورهم إذا خرجوا فارين، فأرسلوا إليهم الأمان". إذن ما دورهم في مقاومة الاحتلال الفرنسي إلا الفزع والهلع وطلب الأمان ثم صارواالعين الحارسة لمصالح الإحتلال. بل إن زعيمهم المعلم يعقوب حنا كان شغله الشاغل هوحرب زعيم المجاهدين في منطقة بولاق حسن بك الجداوي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير