تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومما لفت نظرى من تلك الأخطاء قول الكاتبة: "وصوصة عصافير" (ص32)، تقصد زقزقتها، ظنا منها، فيما يبدو، أنها الاستعمال الفصيح لكلمة "صوصوة" العامية. لكن "الوصوصة" فى الواقع هى ضرب من النظر لا نوع من الأصوات كما تظن الكاتبة. أما فى ص224 فنجد "صوصوات النوارس". فهل هناك "صوصوة" فى العربية الفصحى؟ وبالمناسبة فكثيرا ما وصف سيد قطب فى تفسيره للقرآن تلألؤ النجوم من بعيد بالوصوصة، وكأنها تنظر من عليائها إلى البشر تشاغلهم بعيونها. وبعد هذا بصفحتين نرى الكاتبة تتحدث عن ابتلاع الأعشاب، والأعشاب لا تُبْتَلع، بل ُتْمَضغ مضغا. وهذا لون من الفقر التعبيرى مثل استعمالها "الوصوصة" تعبيرا عن زقزقة العصافير سواء بسواء. ومثل ذلك عدم توفيقها فى قولها (ص36): "نعقد العُرْس" بدلا من "نعقد الزواج أو النكاح أو القِران" مثلا، إذ العرس إنما هو الاحتفال بالزواج، والعقد فى اللغة العربية لا يقع على الاحتفال بالقِرَان بل على القِرَان ذاته. وهناك "رقايا" (ص45) بدلا من "رُقًى"، وهو ما لا أفهمه، ولا أعرف من أى واد أتت المؤلفة بتلك الصيغة الجمعية التى لا علاقة لها بـ"الرقية". وفى نفس الصفحة يقابلنا قول رجل لامرأة: "أرنى الحجاب" (ص49) بدلا من "أرينى الحجاب"، وكأن الخطاب موجه إلى رجل مثله. ومن ذلك كذلك: "هجست أقول له: ... " (ص50). فهل الهجس كلام؟ إنه مجرد خاطر يطوف بالذهن لا كلام ينطلق به اللسان. فكيف تقع الكاتبة فى مثل ذلك الخطإ الأبلق الذى ليس لمن يقترفه أى عذر؟ ومن ذلك أيضا فى ذات الصفحة: "مَبْلِيًّا"، والصواب "مَبْلُوًّا" لأن الفعل واوىٌّ لا يائىٌّ. لقد سارت الكاتبة فى استعمال الفعل بالياء على طريقة العَوَامّ. لكن أين كاتبة مثلها من لغة العَوَامّ واستعمالاتها التى كثيرا ما تنأى عن المعيار اللغوى الفصيح؟ ومثلها: "بلادنا مبتلية بـ ... "، وهواستعمال عامى أيضا (ص93. وصحتها: "مبتلاة").

وهناك كذلك هذا الخطأ اللغوى المضحك: "تمييز هؤلاء عن تلكم" (ص55)، تقصد: "تمييز هؤلاء عن أولئك"، إلا أنها ظنت أن "كُمْ" الملحقة بـ"تلك" تدل على جمع المشار إليه. وهذا خطأ محض، إذ إن هذه العلامة إنما تدل على جمع المخاطَبين لا على جمع المشار إليه. وعلى هذا فـ"تلكم" لا تعنى أكثر مما تعنيه "تلك"، لكنها تعنى أن الكلام موجه إلى جماعة من البشر لا إلى شخص واحد كما هو الحال فى "تلك". أما "تلكَ المرأة" فلا تختلف عن "تلكِ المرأة" ولا عن "تِلْكُما المرأة" أو "تِلْكُم المرأة" أو "تِلْكُنّ المرأة" إلا بأن المخاطَب الذى يتجه إليه الكلام يختلف من صيغة إلى أخرى طبقا لاختلاف الكاف الملحقة باسم الإشارة. وبالمناسبة فكثير من كتاب عصرنا يرتكبون ذلك الخطأ بمنتهى السهولة. وهم يجرون فى هذا على مبدإ "كله عند العرب صابون" مع أن العرب كانوا دقيقين دقة عجيبة فى استعمالهم للغتهم العبقرية مما يدركه كل من درس تاريخهم وأدبهم ولغتهم.

وثم تركيبٌ عامىٌّ جرت عليه الكاتبة فى قولها (ص62): "ولولا أكمل سُنّة الختان ما كتب اليهود اسمه فى منظرة الكهنة" بدلا من "ولولا أنه أكمل ... ". كما أن ثمة خطأ نحويا فى العبارة التالية: "نعتقد أن المسيح له طبيعة واحدة من طبيعتين وأقنوما واحدا من أقنومين" (ص63)، حيث نصبت الكاتبة "أقنوما"، وحقها الرفع عطفًا على "طبيعة"، التى هى مبتدأ. كذلك هناك "إشفاء المرض" (ص65)، وصوابه: "شفاء المرض" بدون همزة. وفى "تحولت برابى بأكملها" كان ينبغى أن تُحْذَف الياء من آخر "البرابى" لأنه اسم منقوص فى حالة رفع، فيقال: "بَرَابٍ". وهى جمع "بربا" أو "برباة"، ومعناها المعبد أو الهيكل. وقد كتبتْها سلوى بكر مرة: "برْبَة" (ص67). وفى "النجوم الزاهرة" لابن تغرى بردى مثلا نقرأ عن دلوكة المصرية أنها "بَنَتْ عِدّة برابٍ" بحذف الياء كما نبهتُ. وقد ورد فى "معجم البلدان" لياقوت الحموى أن هذه الكلمة قبطية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير