تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تصفه الأغنية الساحرة فى أخريات ليالى الصيف المطلولة بين الحقول. وبودى لو أشركت القراء كلهم معى فى هذه النعمة الكريمة. وهناك قول المؤلفة (ص243): "وعلى الرغم من كذا ... إلا أننى ... "، وهو أيضا استعمال شائع فى عصرنا رغم خطئه، إذ لا موضع هنا للاستثناء، وإلا فهو استثناء من ماذا؟ وبعدها بصفحة: "كنت خَدِرًا ضَعْفَانًا"، وهى أول مرة أسمع فيها صيغة "ضعفان" هذه، علاوة على أن هذه الصيغة لا تنوَّن، وهو ما يذكرنى بما أسمعه من القاهريين من قولهم عمن تناول فطوره: "فَطْران"، وكذلك ما سمعته من إحدى الطالبات بقسم اللغة الفرنسية فى منتصف سبعينات القرن الماضى تصفنى بأننى "طَوْلان"، أى طويل (بالنسبة إليها). ثم بعدها بصفحة نقرأ: "همس لى قيِّمٌ شابٌّ ... أن أنتبه من الأب ميخائيل"، أى آخذ حذرى منه. وهو استعمال لا تعرفه حتى العامية فيما يخيل لى، إذ نقول مثلا فى تلك الحالة: "خذ بالك منه"، أما "انتبهْ منه" فلا أظن. ثم بعد هذا بصفحتين أخريين: "المائة قانون وقانونين الذين شُرِّعوا ... " باستعمال "الذين" صفة للقوانين بدلا من "التى" كما ينبغى أن يكون الأمر، إذ تستعمل العربية لجمع غير العاقل صيغ المفردة المؤنثة لا صيغ جمع الذكور العقلاء، علاوة على أنه كان ينبغى أن تقول الكاتبة: "المائة قانون والقانونين" بعطف معرَّف على معرَّف احتراما لمبدإ الاتساق. ومن استعمالها أيضا صيغة جمع الذكور العقلاء لغير العقلاء قولها: "ويُوقِد عليهم (أى على الآثار المقدسة) قنديلا فى كل ليلة" (ص369). أما إضافة "المائة" المعرفة بـ"أل" إلى كلمة "قانون" المنكَّرة فلن أتوقف عندها حتى لا أكون ثقيل الوطأة. صحيح أننى من الذين لا يجدون فيها فى حد ذاتها معابة، لكن هل كان هذا التركيب معروفا فى ذلك الوقت؟ ثم بعد ثلاث صفحات تلقانا كلمة "الشمسنة" بمعنى وظيفة الشمّاس فى الكنيسة، ولا وجود لها فى المعاجم. وكل ما عثرت عليه فى "محيط المحيط" هو "الشمّاسيّة" وكذلك "الشُّمُوسيّة"، التى وجدتها أيضا فى معجم "الرائد" لجبران مسعود. والمعجمان لبنانيان ألفهما نصرانيان.

ثم هل يصح أن نؤكد لفظة "النساء" بـ"أجمعين"؟ إن النساء جمع مؤنث، وتأكيده إنما يكون بـ"جمعاوات" لا بـ"أجمعين" الذكورية. وليس فى هذا افتئات على النصف الحلو، ولا يصلح رَمْيُنا من ثم بالذكورية، فالرجال رجال، والنساء نساء، ولا ينبغى الخلط بينهما، فلكل حدوده وخصائصه ومخصصاته. وعلى هذا كان ينبغى أن تقول المؤلفة: "خرجت نساء عين جارة جمعاوات" لا "أجمعين" كما قالت (ص262). أما فى العبارة التالية: "خَلِّينا نَصِل وننهى مهمتنا بسلام" فإضافةً إلى أن التركيب عامى، وهو ما لا أقف عنده من هذه الجهة بل من جهة أخرى سوف آتى إليها للتو، نجد الكاتبة قد أثبتت الياء فى آخر الفعل: "خَلِّى"، والمفروض حذفها طبقا للقاعدة المتبعة مع فعل الأمر الناقص على ما هو معلوم للجميع. أما وجه اعتراضى على "خَلِّنا نفعل كذا" فهو أن هذا التركيب لم يكن له وجود فى زمن الرواية، وإلا فأنا نفسى كثيرا ما أستخدمه الآن رغم أصله العامى لأن من الممكن استخدامه فى الفصحى دون أى جهد. ترى أهو أقل شأنا من قولنا: "دعنا نفعل كذا"؟

ولنلاحظ أيضا الركاكة والغرابة فى قول المؤلفة: "وقد توضعت مجموعة من بيوت النار إلى جوار بعضها" (ص270) بدلا من "قامت طائفة من بيوت النار متجاورة" مثلا. وبالمثل يتسم قولها: "الجندى الذى أنا تبعيته" (ص271) بالركاكة والغرابة معا. أما "شكلانىّ" (ص272) فلم يكن لها فى ذلك الوقت أى وجود، ومن ثم كان على مؤلفتنا ألا تستخدمها. كذلك تكررت كلمة "الوقايد" (المواقد والمشاعل؟)، ولم أجدها فى مئات الكتب التى تشتمل عليها الموسوعتان الشعريتان الإماراتيان. وفى الصفحة التى تلى ذلك تقابلنا عبارة "حَذِقَ فى هذا الكار"، وفيها مسألتان: فالفعل "حذق" فعل متعد لا يحتاج إلى حرف جر، كما أن كلمة "كار" (غير العربية) لم تكن مستعملة فى كتابات ذلك الوقت فيما يخيل لى، إذ حاولت العثور عليها فى مئات الكتب القديمة فلم أوفق. ودعك من انطباعى الناشئ من معايشة التراث منذ عشرات السنين بأنها لم تكن مستعملة أوانئذ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير