تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قد يُصادفُ الإنسانُ في مجرى حياته كثيرين من أصحابِ العلم والبيان والنشاط والتأثير؛ ولكن قَلَّ أن يُصادفَ مثل هذه المشاركةِ الوجدانيّةِ الحارّةِ المخلصة، وهذه المشاعرِ والعواطفِ الفيّاضةِ الصادقة، التي تسعُ برحمتها وبرِّها وعونها العدوَّ والصديق، والتي تجد ترجمتها الرائعةَ دوماً في العمل قبلَ القول، وفي عطاءٍ عَفْوِيٍّ طبيعيٍّ متّصلٍ لا ينقطع، فما كانت تملك في حياتها إلاّ الرحمةَ والبرَّ والعَطاء ..

كانت تقول:

«كم أَسْعَدُ عندما أحمل إلى أخت حزينة شيئاً من العزاء والأمل، وأرُدُّ إليها ابتسامةَ القلبِ والشّفَتَيْنِ، والأَسارير!

لقد أراد الله لي أن أَسْعَدَ بسعادةِ غيري، وأشقى بشقائهم، كما أسعدُ وأشقى من خلال زوجي وأولادي وأسرتي ونفسي؛ فما أعظمَ سعادتي وأوسعَها، وما أشدَّ ما ينطوي عليه صدري من آلام الأشقياء والبؤساء»

ثم ختم السيد عصام كلامه قائلا: (شيءٌ غريبٌ نادرٌ هذا الذي أرويه .. أقربُ إلى الخيالِ والأحلامِ والأساطيرِ منه إلى واقع الناسِ هذه الأيام!!

ولكن هكذا كانتْ «أمُّ أيمن» في واقعِها -رحمها الله- إلى حدّ بعيدٍ بعيد ...

إنها حكاية واقعية بطلتها امرأة كانت تأكل الطعام .. ولها من الهموم والرغبات ما لك .. لكنها بقوة إيمانها انتصرت على الرغبات الدنيوية الدنيئة، وسارت بِخُطَىً حثيثة ثابتة في طريق الدعوة الشائك، وعبَرتْه بكل صبر ويقين، حتى فازت بالشهادة ـ نحسب ذلك ـ والله حسيبها وكفيله).

نشاطها في الدعوة إلى الله والرسول

وفي خضمَّ تلك المسؤليَّات العظام التي نِيْطَتْ بِعُنقها: تراها لم تتأخَّر عن ركْبِ الدعوة إلى الله ورسوله في كل مكان ترحل إليه، وتُقبل عليه.

فلما كان زوجها طريدًا شريدًا في عدة بلدان إلى أن استقرَّ مقامه في ألمانيا، وهناك أصيب بالشلل وغيره من أنماط البلاء، لم تطب للزوجة الصالحة نفسها عن أن تعيش بعيدة عن زوجها، وهو هناك وحيد لا أهل ولا مال! يعاني الآلام ويشاهد الأهوال!

فلم تلبث حتى سلكتْ شتى السبل للالتحاق به هناك، وقد أتمَّ الله لها ما أرادت، فغادرت الديار الشامية حتى هبطت البلاد الألمانية.

ولم تكن تدري أنها تسافر إلى أرض مصرعها! وتنزل في تلك الديار التي سوف تجري دمائها على صفحتها!

وهناك في مدينة (آخن) الألمانية قامت بنان لترفع لواء الإسلام في تلك الديار الكافرة، فأنشأتْ – بمساعدة أهل الخير - المركز الإسلامي النسائي للمسلمات، ... وظلت دائبة على نشر الإسلام من هذا المركز، حتى اهتدى على يديها جمعٌ غفير من النساء؛ وارتفعت راية التوحيد حتى كادت أن تلمس السماء.

وكانت قبل ذلك تكتب المقالات الإسلامية وتنشرها في الصحف والجرائد.

وعن تلك المقالات: يقول الأستاذ محمد خير رمضان يوسف في ترجمة تلك المرأة المجاهدة: (ولها كلمات ومقالات ورسائل ومواقف نادرة تنبئ عن بطولة وشجاعة عجيبة، تذكرنا بمواقف بطولات النساء المجاهدات في تاريخنا الإسلامي ..

ومن مقالاتها في الدوريات مقالة: «دور المرأة في الهجرة»، في مجلة المستقبل الإسلامي العدد 190، 1418هـ - 1997م.

وصدر لها كتاب بعنوان: «دور المرأة المسلمة». طُبع مرتين في ألمانيا، في الدار الإسلامية للإعلام، عام 1413هـ. وفي آخر الكتاب قصيدة في رثائها .... ).

قلتُ: ولها أيضًا من التصانيف:

1 - رسالة: «كلمات صغيرة»

وهذه الرسالة لا أستطيع أن آتي على آخرها إلا وأرى دموعي تنسكب على خديَّ مدرارًا! لعظيم حرارة كلماتها، وصدق شعور كاتبتها، وظهور الإخلاص بين حروفها! ولعلي أنقل منها شيئًا

في ختام هذا المقال إن شاء الله.

2 - رسالة: «قبسات»

وهي رسالة بديعة كلها حكم ومواعظ وآداب.

3 - رسالة: «من أدعية القرآن الكريم ( http://www.issamelattar.net/ia/modules.php?name=News&file=article&sid=749)»

بتقديم ابنتها الفاضلة هادية عصام العطار.

وتلك الرسائل الثلاث مطبوعة. وهي موجودة كلها على الشبكة.

قصة مقتلها التي تُذِيبُ القلوب

كانت تلك المرأة تلهج دائمًا بطلب الشهادة من الله.

فكانت تقول في بعض مناجاتها لربها:

«في سبيلك وحدك وحدك جاهدنا وعملنا

في سبيلك وحدك وحدك أُخْرجنا وشُرِّدنا

في سبيلك وحدك وحدك عُودِينا وحُورِبْنا

في سبيلك وحدك عشنا

وفي سبيلك وحدك نعيش

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير