بارك الله في شيخنا الأغر؛ فما زال يتحفنا كل يوم بغرر فوائده الواضحة التي تبعد عنا عرر النقائص الفاضحة0
والعلامة عبد السلام هرون-رحمه الله- علم على رأسه نور، له في خدمة الإسلام والعربية جهد مشكور، ومآخذ الدكتور الأغر وأمثاله على ذلك الجهد الكبير إكمال له ممن يملك الإكمال، وهم ذرية بعضها من بعض، أكرمهم الله جميعا في الدنيا والآخرة.
أما الزيارة فعلم الله أنها أول النية بعد زيارة البيت الحرام، وعسى أن يكون ذلك قريبا0
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[28 - 06 - 2007, 12:56 ص]ـ
كان هذا آخر يوم لدوام أعضاء هيئة التدريس .. وما زال طلبي للنقل متأخرا في كلية التربية بمكة المكرمة بانتظار رفعه إلى مدير الجامعة ... وإني لأرجو أن يكون هذا الطلب كالفعل المتصرف لا يمنعه التأخر من أن يعمل في معموله المتقدم، في نحو: في بيته يؤتى الحكم، وقد سها بعضهم فجعل المثل من تقدم الخبر على المبتدأ، أشار إلى هذا السهو الإسفراييني في اللباب ولم يصرح باسم الساهي، والساهي هو أبو البركات الأنباري في الإنصاف حيث جعل هذا المثل من باب تقدم الخبر على المبتدأ إذا كان الخبر جملة فعلية، والأصل عنده: الحكم يؤتى في بيته، وأضاف إليه: في أكفانه لُفّ الميت، فالأصل عنده: الميت لف في أكفانه، ومعلوم أنه لا يجوز تقديم الخبر إذا كان جملة فعلية على المبتدأ إذا أدى إلى التباس المبتدأ بالفاعل، فلا يجوز تقديم الخبر في نحو: زيد جاء، ويجوز في نحو: زيد أكرمت أباه.
وأرجو ألا يكون كالفعل الجامد الذي أجمع النحاة أنه لا يعمل إذا تأخر عن مفعوله، وإنما يلزم حالة واحدة لا تحتمل تقديما أو تأخيرا وهو فعل التعجب، في نحو: ما أصدق في الهيجا لقاءها، فلا يجوز تقديم الجار والمجرور ولا المفعول (لقاءها) على الفعل (أصدق)، كما أرجو ألا يكون كالفعل الجامد الذي اختلف في جواز تقديم معموله، وهو (ليس) فقد اختلف في جواز تقديمه عليه، واستدل المجيز بقوله تعالى: ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم، فقال: إن (يوما) متعلق بمصروفا، وقد تقدم على ليس، وتقدم المعمول مؤذن بتقدم العامل لأن العامل رتبته أن يكون قبل المعمول، وهذا منتقض بتقدم خبر إن على اسمها إذا كان ظرفا في نحو: إن لدينا أنكالا، فلو ذهبت تقدر الخبر الذي هو الفعل (استقر) أو الاسم (مستقر) قبل الظرف لامتنعت المسألة لأن إن لا تدخل على الفعل ولا على الخبرالمصرح به .. فلا حجة في الآية على جواز التقديم.
مع التحية الطيبة.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[12 - 08 - 2007, 08:20 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
تحرك الطلب من كلية التربية إلى المشرف على الكليات في جامعة أم القرى، ثم إلى سعادة الوكيل، وانتهى به الأمر محفوظا في مكاتب شؤوون الموظفين التي تشبه معلِّقات أفعال القلوب، وأكثرها شبها بها (ما) الاستفهامية التي اقترنت بالبكاء وموجعات القلب في قول كثير:
وما كنت أدري قبل عزة ما البكا ... ولا موجعات القلب حتى تولت
لأنهم _ إذا راجعتهم_ يستفهمون منك عن موضوع الطلب، ثم يجيبونك بدون الرجوع إلى الملف، ولذلك تختلف إجاباتهم، إذا عاودت المراجعة بعد حين، فلا تدري وجه الحق في أقوالهم، وقد حدثني من أثق بعلمه ودينه أن الدكتور محمود الطناحي رحمه الله كان يقول في أثناء عمله بالجامعة: يوجد بالجامعة أعضاء هيئة التدريس، كما يوجد بها أعداء هيئة التدريس .. جعلنا الله من الأعضاء لا من الأعداء وأبقى ضادنا كما هي ضادا ولا صيّرها دالا ..
أو أنها تشبه (ما) النافية التي اقترنت بعدم الانتماء إلى عالم الناطقين في قوله تعالى: (ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) لأنك بالمنطق تفهم وجه الحق وهؤلاء لا تكاد تعرف منهم إلا كلمات موهمات مؤجِّلات ..
وقد رجعت إلى نفسي وتفكرت في حال طلبي فوجدت مثلنا كمثل الأفعال اللازمة التي تقتصر على فاعلها وتلازمه، ولم تؤت القدرة على التعدي ولو إلى مفعول واحد، وغاية تعديها أن تستعين بحروف الجر أو النصب حتى يكون لها تعلق بوجه من الوجوه مع مفعول أو أكثر ..
ولا أريد الاستعانة بحروف الجر لأنها تخفي أثر التعدي الذي هو النصب بعملها الظاهر وهو الجر، كما لا أريد الاستعانة بحروف النداء من حروف نصب الأسماء التي تضم مع حروف النداء واو المعية وإلا الاستثنائية .. وذلك لأن حروف النداء تخفي الفعل المتعدي أنادي أو أدعو وتحل محله وتنوب عنه، وطلبي كما ذكرت ليس متعديا في الأصل فلم يبق أمامه إلا واو المعية أو إلا الاستثنائية ..
وقد جعلت هذين الحرفين من حروف النصب تساهلا كما فعل الجرجاني في كتابه (الجمل) مع أنه في المقتصد موافق لسيبويه في أن العمل للفعل بتوسط واو المعية، ولم يتنبه ابن مالك رحمه الله إلى ما في المقتصد وجعل مذهب الجرجاني أنه يجعل العمل لواو المعية، ورد عليه وبين بطلان مذهبه من ثلاثة أوجه، ولو رجع إلى المقتصد لكفاه مؤونة الرد ..
وأما (إلا) فقد تعددت المذاهب فيها ..
فمذهب السيرافي أن (إلا) مثل واو المعية تعدي الفعل إلى ما بعدها ..
ومذهب ابن خروف أن الناصب ما قبل إلا على سبيل الاستقلال.
ومذهب الزجاج أن إلا تدل على فعل مضمر بعدها.
ومذهب الفراء أن (إلا) مركبة من إن المخففة ولا.
ومذهب ابن مالك أن (إلا) هي الناصبة، وزعم أن ذلك مذهب سيبويه والمبرد والجرجاني.
ومذهبي أن المستثنى منصوب بالكلام التام قبل (إلا) كما ذهب إليه ابن خروف، وأراه مذهب سيبويه، لانه قال:
والوجه الآخر أن يكون الاسم بعد (إلا) خارجا مما دخل فيه ما قبله عاملا فيه ما قبله من الكلام، كما تعمل (عشرون) فيما بعدها إذا قلت: عشرون درهما.
ولو أراد النص على أن (إلا) هي العاملة لقال: عاملة فيه (إلا)، وتفصيل هذا يكون في تفسير المشكل من كلام سيبويه، إن شاء الله.
فمن لطلبي بإلا الاستثنائية أو بواو المعية لكي تعديه عقبة (الأعداء) بحسب راي الطناحي رحمه الله إلى عتبة (الأعضاء) وتنقله من درج الحفظ إلى أجل غير مسمى إلى مدارج النجح والقبول ..
اللهم إليك رغبت فلا تكلني إلى من يرغب عني .. آمين
مع التحية الطيبة.
¥