ثانيا: أن أسماء الأفعال لا يتقدم عليها معمولها، فلا تقول: زيدا عليك، فـ "عليك"، اسم فعل أمر منقول من الجار والمجرور بمعنى "الزم"، ولا يجوز تأخيره عن معموله، بينما الفعل "الزم"، يعمل في مفعوله سواء تقدم أو تأخر، فتقول: الزم زيدا، أو زيدا الزم، وسبب ذلك أن الفعل أقوى العوامل، فيستوي عمله تقدم أو تأخر، بينما اسم الفعل، شابه الاسم من حيث الصيغة، وإن دل على حدث كالفعل، فلما اختلفت صيغته عن صيغة الفعل ضعف عمله فلا يعمل إلا في المتأخر، والله أعلم.
ثالثا: أنه يجوز توكيد الفعل توكيدا لفظيا باسم الفعل، فتقول: انزل نزال، واسكت صه، كما تقول: انزل انزل، واسكت اسكت، بينما العكس غير جائز، فلا يؤكد اسم الفعل بالفعل فلا تقول: صه اسكت، أو نزال انزل، فالأعلى يؤكد بالأدنى، ولا عكس، والله أعلم.
رابعا: أن الفعل إذا دل على الطلب جاز نصب المضارع في جوابه، كقولك: انزل فأحدثك، فالفعل "أحدثك" فعل مضارع وقع في جواب الطلب "انزل" مقترنا بفاء السببية، فيأخذ حكم النصب، ولا يجوز ذلك في أسماء الأفعال، فلا تقول: صه فأتكلم، ويجوز: اسكت فأتكلم، أي اسكت ليكون سكوتك سببا في كلامي، والله أعلم.
خامسا: أن أسماء الأفعال لا تعمل مضمرة، بحيث تحذف ويبقى معمولها، لأنها، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، أضعف دلالة من الفعل الصريح، فلا تقوى على العمل وهي مضمرة، خلاف الفعل، فهو لقوة عمله، يعمل بارزا أو مضمرا، فعلى سبيل المثال:
قولك: سبحان الله، فـ "سبحان"، مفعول مطلق، وعامله محذوف تقديره: أسبح الله سبحان، وكذا سقيا لك، فتقديره: أدعو الله سقيا لك، أو: أدعو الله أن يسقيك سقيا، أو نحو ذلك، والله أعلم.
ولا تأتي أسماء الأفعال متأخرة عن معمولها، فإذا ما وجد معمول سابق لاسم فعل وجب تقدير عامل "أي فعل"، قبله، ولا يقال بأن اسم الفعل المتأخر قد عمل فيه، ومن ذلك قوله الشاعر:
يا أيها المائح دلوي دونكا ******* إني رأيت الناس يحمدونكا
فلا يقال بأن اسم الفعل: "دونك"، وهو اسم فعل أمر منقول من الظرف، بمعنى "خذ"، لا يقال بأنه عمل في المفعول المتقدم عليه: "دلوي"، وإنما يقدر لهذا المفعول عامل مناسب، لا يضر حذفه، لأنه يقوى على العمل بارزا أو مستترا وهو في هذا المثال الفعل: خذ، فيكون السياق: يا أيها المائح خذ دلوي دونكا.
سادسا: أن أسماء الأفعال غير متصرفة، فلا تختلف أبنيتها لاختلاف الزمان، بل ما كان منها موضوعا للماضي فإنه يلزم صورة الماضي ولا يتصرف للمضارع والأمر كـ: "شتان"، بمعنى: افترق، وما كان منها موضوعا للمضارع فإنه يلزم صورة المضارع ولا يتصرف للماضي والأمر كـ: "وي"، بمعنى: اتعجب، وما كان منها موضوعا للأمر فإنه يلزم صورة الأمر ولا يتصرف للماضي والمضارع كـ: "صه"، بمعنى: اسكت.
خلاف الفعل فالأصل فيه التصرف عدا بعض الأفعال كـ "عسى" و "ليس" و "نعم" و "بئس" ............. الخ.
سابعا: أن أسماء الأفعال لا تقبل علامات الأفعال كالنواصب فلا ينصب اسم الفعل خلاف الفعل
فتقول: لن أتعجب، ولا تقول: لن وي، والجوازم فلا يجزم اسم الفعل خلاف الفعل
فتقول: لم أتعجب، ولا تقول: لم وي، ونون التوكيد فلا يقبل اسم الفعل نون التوكيد خلاف الفعل فتقول: لن أتعجبن ولا تقول: لن وين، وياء المخاطبة فلا يقبل اسم الفعل ياء المخاطبة خلاف الفعل فتقول: اسكتي ولا تقول: صهي، وتاء الفاعل فلا يقبل اسم الفعل تاء الفاعل خلاف الفعل فتقول: افترقت بضم التاء، ولا تقول: شتانت، والله أعلم.
الفائدة الثالثة:
اختلف النحاة في أسماء الأفعال:
فقال البصريون بأنها أسماء قامت مقام الأفعال، في الدلالة على الحدث، كقولك: صه، فإنه يدل على طلب حدث السكوت في الحال أو المستقبل، ورغم ذلك لم تتصرف تصرف الأفعال من جهة اللفظ، فلا تتصرف تصرف الأفعال بحيث تختلف بنيتها لاختلاف الزمان، وبدلالتها على الحدث في زمن معين، ضعفت في باب الاسمية، لأن الاسم لا يدل إلا على مطلق الحدث دون تعرض لزمان حدوثه، فلا تتصرف تصرف الأسماء بحيث يسند إليها إسنادا معنويا، فلا تقع مبتدأ أو فاعلا، لأن المبتدأ يسند إليه حكم الخبر، والفاعل يسند إليه الفعل العامل فيه،
¥