فكأنها أسماء من جهة الألفاظ، أفعال من جهة المعاني، وقد فارقت الأسماء والأفعال بأنها مبنية على الدوام لأنها تعمل فيما يليها ولا يعمل فيها، خلاف الأسماء التي يعمل فيها أكثر من عامل كالأفعال وحروف الجر، والأفعال التي تعمل فيها عوامل النصب والجزم، والله أعلم.
وقال الكوفيون: هي أفعال، لأنها تدل على الحدث والزمان، كل ما في الباب أنها جامدة لا تتصرف فهي كالأفعال الجامدة كـ "ليس وعسى ونعم وبئس".
وقال أبو جعفر بن صابر: هي ليست أسماء ولا أفعال، لأنها لا تتصرف تصرف الأسماء ولا تصرف الأفعال، ولا تقبل علامة كليهما، وقد أعطاها أبو جعفر اسما خاصا وهو "خالفة"، فكأن الكلام عنده: اسم وفعل وخالفة وحرف، والله أعلم.
بتصرف من "منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل"، للشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، رحمه الله، (1/ 25_26).
الفائدة الرابعة:
في إعراب أسماء الأفعال:
اختلف النحاة في هذه المسألة على ثلاثة آراء:
أولا: أنها أسماء لا محل لها من الإعراب، فهي، كما سبق، نابت عن الأفعال، فتعمل فيما يليها، ولا يعمل فيها أي عامل سواء كان لفظيا أو معنويا، مذكورا أو محذوفا، فتكون علة بنائها: الشبه النيابي عن الأفعال، وعليه يقال، على سبيل المثال، في إعراب: هيهات زيد، هيهات: اسم فعل ماض لا محل له من الإعراب، ومعموله زيد: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة، وهذا مذهب الأخفش، وتابعه عليه جمهور النحويين.
ثانيا: أنها أسماء معربة، والعامل فيها هو عامل الابتداء المعنوي، فيكون إعراب هيهات زيد، هيهات: مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع بعامل الابتداء المعنوي، و زيد: فاعل سد مسد الخبر، وهذا مذهب سيبويه رحمه الله.
ثالثا: أنها أسماء معربة، والعامل فيها هو عامل محذوف من معناها، فيكون إعراب هيهات زيد، هيهات: مفعول مطلق لفعل محذوف من معناه، و زيد: فاعل بالفعل المحذوف، فيكون تقدير الكلام: بعد بعدا زيد، وهذا مذهب المازني، والله أعلم.
بتصرف من بتصرف من "منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل"، (1/ 30_31).
الفائدة الخامسة:
أسماء الأفعال تنقسم، من حيث وضعها، إلى:
أسماء أفعال أصلية، وهي الموضوعة ابتداء كأسماء أفعال كـ: كشتان وهيهات ووي وإيه وصه ومه.
وأسماء أفعال منقولة، وهي التي نقلت من وضعها الأصلي إلى وضع اسم الفعل، فعلى سبيل المثال:
قولك: دونك الكتاب: بمعنى خذ الكتاب، فـ "دونك"، اسم فعل أمر منقول من الظرف لأن "دون"، وضعه الأصلي ظرف مكان، وليس اسم فعل.
وقولك: عليك بزيد: بمعنى الزم زيدا، فـ "عليك"، اسم فعل أمر منقول من الجار والمجرور لأن "عليك"، وضعه الأصلي جار ومجرور، وليس اسم فعل.
وقولك: إليك عني: بمعنى ابتعد عني، فـ "إليك"، اسم فعل أمر منقول من الجار والمجرور لأن "إليك"، وضعه الأصلي جار ومجرور، وليس اسم فعل.
مستفاد من شرح الشيخ الدكتور عبد الغني عبد الجليل، حفظه الله، لـ "أوضح المسالك" لابن هشام الأنصاري رحمه الله.
ـ[أبو بشر]ــــــــ[26 - 03 - 2006, 12:27 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفضل مهاجر جزاك الله أحسن الجزاء على إتحافك إيانا بهذه بهذه التحف الجمة، ولي فقط سؤال واحد: هل من الأفضل أن نقول:
- أسماء الأفعال واجبة التنكير أو أسماء الأفعال الواجبة التنكير
- أسماء الأفعال واجبة التعريف أو أسماء الأفعال الواجبة التعريف
- أسماء الأفعال جائزة التنكير والتعريف أو أسماء الأفعال الجائزة التنكير والتعريف؟
وأرى الثاني أكثر مناسبة في هذا السياق، والله أعلم
ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 03 - 2006, 04:59 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
أبا بشر، أيها الكريم، وما وجه ذلك؟، فقد كتبتها دون أن أنتبه لما ذكرته في مداخلتك الكريمة، وجزاك الله خيرا
ـ[أبو بشر]ــــــــ[27 - 03 - 2006, 12:34 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياأخي الكريم مهاجر
يبدو لي أن "واجبة" و"جائزة" نكرتان لأن الإضافة لفظية من باب إضافة العامل الوصف إلى معموله، ولا يكتسب المضاف حينئذ التعريف من المضاف إليه المعرفة، فيجوز إذاً تعريف المضاف هنا بـ"أل" كما في قول الله تعالى في سورة الحج ( ... والمقيمي الصلاةِ) فكأن العبارة من دون تعريف "واجبة" و"جائزة" بـ"أل" جملة مكونة من مبتدإ وخبر، اللهم إلا إذا أعربناهما حالين، والله أعلم