فقد صرح الزمخشري بالمبني للفاعل آنفا (سَقَط َ)، ثم استخدم أيضاً اسم الفاعل (ساقط) بموازاة اسم المفعول (مسقوط) مما يدل على صواب استخدام الفعل (سَقَط) مبنيا للمعلوم، ومن ثم جاز لنا أن نشتق منه اسم الفاعل "ساقط" كما استخدمناه من قبل مبنيا للمجهول، فجاز لنا أن نشتق اسم المفعول "مسقوط" فكل ذلك صواب، على أن يستخدمه المرء بحسب المعنى الذي يرمي إليه، فثمة فرق في المعنى لا يجهله أحد بين سُقط المبني للمجهول وسَقط المبني للمعلوم، وبالتالي فلا يجوز لنا أن نقول: (قل سُقط ولا تقل سَقط) لأن كلا منهما يختلف عن الآخر في معناه وفي استعماله، وكل فعل منهما صحيح في سياقه ومعناه. ولذلك فقل (سَقَط َ وقل سُقِط َ) فكل منهما صواب في سياقه.
الفعل الرابع:
((بُهِتَ))
وأما الفعل (بُهِتَ): فقد جاء في (المعجم المدرسي) وهو المعجم الذي تبنته وزارة التربية في سوريا: (بَهَتَهُ الشيءُ بهتا أخذه بغتة وحيَّره "بل تأتيهم بغتةفتَبْهَتُهم [8] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_edn8)") والشاهد هنا مجيء الفعل (بَهَتَه) ومجيء الفعل (تَبهَتُهم) في القرآن الكريم مبنيين للمعلوم صراحة، وبشكل واضح مباشر لا مراء فيه.
كما جاء في حديث الغيبة، قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ((إنْكان فيه فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتْتَه)، فالفعل (بهتْتَه) بوزن (ضربته) مبني للمعلوم كما هو واضح.
وجاء في أساس البلاغة للزمخشري: ((بَهَتَهُ بكذا وبَاهَتَهُ به ... )) فاستخدم الزمخشري الفعل المبني للمعلوم (بََهَت) كما استخدم صيغة المفاعلة (باهت) وهي صيغة مبنية للمعلوم أيضا. وهكذا نجد الفعل (بُهت) يأتي كغيره وكسابقاته من الكلمات، مبنيا للمعلوم أو مبنيا للمجهول، بحسب مقتضى والحال، وما يرمي إليه المتكلم.
إلى هنا نجد أن الأفعال السابقة، التي اخترتها أمثلة ونماذج لغيرها، من الأفعال التي زعموا أنها لا تأتي إلا مبنية للمجهول، نجد أنها قد جاءت كلها مبنية للمعلوم حينا، ومبنية للمجهول حينا، دون قيد ولا شرط، مع التذكير بأن البناء للمعلوم هو الأصل في الأفعال كلها، وأن البناء للمجهول هو فرع عن البناء للمعلوم أصلا.
الفعل الخامس:
((اضْطُرَّ))
فإذا عدنا إلى الفعل (اضطر) الذي هو سبب الحديث في هذا الفصل الثاني، فإننا واجدون في القرآن الكريم، قول الله سبحانه وتعالى، في الآيتين التاليتين:
1 - ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أَضْطَرُّه إلى عذاب النار [9] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_edn9)...
2- نمتعهم قليلا ثم نَضْطَرُّهم إلى عذاب غليظ [10] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_edn10)...
فهذا هو الفعل (اضْطَر) يرد في كلام الله عز وجل مرتين، في صيغة المضارع المبني للمعلوم، وليس فوق كلام الله كلام، والشاهد القرآني هو حجة الحجج، والدليل الذي ليس بعده زيادة لمستزيد.
ومن الواضح أن الفعل اضطَرَّه المبني للمعلوم يستخدم بمعنى (أجْبَرَه وألزَمه وألجَأه)، كما أن الفعل اضطُر المبني للمجهول يستخدم بمعنى (أجْبِر وألزِم وألجِئ). فهل ثمة ما يمنعني من القول: اضطَرَّتني الحاجة إلى العمل، واضطَرَرْتُ العدوَّ إلى أضيق السبل، أو اضطَرَّني إليها؟ كما نقول: اضطُرِرْتُ إلى العمل، واضطُررت إلى الكتابة، أي أجبِرت عليها وألزِمت بها.
ولذلك (قل اضطُر وقل اضطَر) وقل كلا منهما في سياقه، والله تعالى أعلم.
[1] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_ednref1) ـ في كتابه الجليل المعروف (المزهر) ج2 ص/ 233 /
[2] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_ednref2) ـ الجزء الثاني ـ الطبعة الخامسة ـ الصفحة (109)
[3] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_ednref3) ـ يقصد أن ثمة أفعالاً لا تأتي إلا مبنية للمجهول.
[4] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_ednref4) ـ أي عن ابن درستويه.
[5] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_ednref5) ـ النحو الوافي لعباس حسن. الجزء الثالث، الطبعة الرابعة، الصفحة: (350)
[6] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_ednref6) ـ انظر - هداك الله – إلى ما يستحق أن يسمى خطأ شائعاً في نظر العلماء المحققين. وقارنه بما هب ودب مما يزعمه المتنطعون للعلم والعلم منهم بعيد.
[7] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_ednref7) ـ النحو الوافي ج 3 ـ ط5 ـ ص 350
[8] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_ednref8) ـ سورة الأنبياء الآية / 40 /
[9] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_ednref9) ـ سورة البقرة الآية / 126 /
[10] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=60494#_ednref10) ـ سورة لقمان الآية / 24 /
¥