تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[15 - 05 - 2006, 11:22 ص]ـ

جزاك الله خيرا أخي (عنقود الزواهر) على توضيح قولك

ولكن ألا ترى يا أخي أن ما ذكرته دليل عليك لا لك؟!

وذلك أن العلماء لم يختلفوا في قوله تعالى: {واسأل القرية} أن القرية تعرب مفعولا به، وكون الآية تحتوي على مجاز بالحذف أو دلالة الاقتضاء لا يغير من الإعراب شيئا، فإن علماء النحو يقولون: إن المعنى ليس شرطا أن يلازم الإعراب، بمعنى أن الإعراب قد يختلف مع اتحاد المعنى، وقد يتحد الإعراب مع اختلاف المعنى، فكونك تستدل بالمعنى على الإعراب فيه ما فيه.

ثم إن قولك (فلا شك أن القضاء لم يقع على اليومين) فيه نظر واضح، فلعل الأقرب أن تقول (وأرى أن القضاء ... إلخ) أما أن تقول (فلا شك) فهذا لا يقال إلا عند إجماع العلماء على المسألة، أو على الأقل تسليم المناظر، وهو ما ليس موجودا هنا، لأني أقول: بل القضاء وقع على اليومين؛ لأن قضى معناها استغرق زمنا، فكما تقول (استغرق زمنا) فعل ومفعول، فكذلك (قضى يوما) فعل ومفعول، ولك أن تراجع المعجمات في معنى (قضى)، وبيان ذلك أنك تقول: (مر يومٌ) فيكون اليوم فاعلا، مع أن معنى الكلام مطابق لما تفضلت بشرحه في أن المراد أن الإنسان استغرق هذا اليوم في عمل ما، ولكن هذا لم يمنع من أن يكون إعراب اليوم فاعلا، فكذلك تقول: (انقضى يومٌ) أو (انتهى يومٌ) ففي كل ذلك يكون اليوم فاعلا، وعليه يكون قولنا (قضيت يوما) أو (أنهيت يوما) مفعولا به؛ بناء على أن (انقضى يوم) فعل وفاعل، وذلك كقوله تعالى: {ثم قضى أجلا} فالأجل معناه الزمن، ومع ذلك فهو مفعول به في هذه الآية. ولم يقل أحد مطلقا إن (انقضى يوم) فيها حذف وتقديره (قضيت عملي في يوم)؟! مع أن معناها يحمل على هذا، ولكن المعنى شيء والإعراب شيء آخر، فقد يتحدان في مواضع ويختلفان في مواضع، كما سبق أن أسلفت، فليس شرطا اتفاق المعنى والإعراب، كقولك (كُسِرَ الزجاج) و (انكسر الزجاج) و (كَسَرَ الزجاج) فالمعنى الذي يفهم من هذه الجمل كلها واحد، ولكن الإعراب مختلف.

وأما استدلالك بمجاز الحذف فإنما ذهب إليه من ذهب من العلماء لدليل، وهو أن القرية لا تسأل، فكان ذلك إشارة إلى أن في الآية محذوفا، فكان تقدير هذا المحذوف لدليل، ولا يسوغ أن يلجأ إلى التقدير والحذف إذا أمكن حمل الكلام على ظاهره لأن ذلك خلاف الأصل، والخروج عن الأصل بلا حجة لا يصح.

ـ[عنقود الزواهر]ــــــــ[15 - 05 - 2006, 08:17 م]ـ

:::

أخي الفاضل أبا مالك: ساقف مع ما ذكرت وقفات سريعة، في النقاط التالية:

أولا: قولك: " أن العلماء لم يختلفوا ... " لا أعلم لك فيه سلفا، ونقل عدم الاختلاف نقل للإجماع السكوتي على أقل الأحوال، والواقع يناقض ما ذكرت؛ لأن الخلاف مذكور في مثل هذا، وقد جعله ابن هشام في مغنيه كمثال على الحذف، وذكر الدسوقي في حاشيته عليه الخلاف في ذلك.

ثانيا: قولك: " أن المعنى ... " بل يجب النظر للمعنى، واختلاف الإعراب في مثل هذا مبني على المسامحة، كما في إعراب جمع من المعربين (السموات) في قوله تعالى: " خلق السموات" مفعولا به، مع أن الأقوى إعرابها مفعولا مطلقا، وهو قول الجرجاني وابن الحاجب، والعلة في ذلك مراعاة المعنى. وقد ذكر ابن هشام في مغنيه قصة له مع شيخه أبي حيان تدل على مراعاة المعنى.

ثالثا: قولك: " فيه نظر واضح" لم يتضح لي إلا على الجري على المسامحة فيما ذكرت، وأما عند التدقيق فلا، فاليومان لم يقع عليهما القضاء حقيقة، بل وقع فيهما؛ لعدم تصور ذلك عند التحقيق، وتأمل معي حال الفعل مع مفعوله في المثالين التاليين: أكلت التفاحة، وقضيت يومين، فالمعنى في الثاني يختلف عن الأول، من جهة أن اليومين غير محسوسين، فهما من الزمن، وهو عرض سيال لا يدخل تحت القدرة البشرية، فوقوع الفعل عليه غير متصور، بل المتصور وقوع الفعل فيه، وكما ذكرت قد يعرب في الظاهر مفعولا على المسامحة كما في المثال المذكور من قبل السائي وفقا لما ذكرتَ.

رابعا: ينبغي التفريق بين كون الزمن فاعلا ومفعولا، فالفاعل عمدة لا ينفك عن الفعل إطلاقا، بخلاف المفعول، وما ذكرته من الأمثلة من باب الفاعل ولا نقاش فيه، وفرق بين الجملة (انقضى يوم)، و (قضيت يوما)، فالثاني يمكن الاستغناء عنه لفضليته، بخلاف الأول، ولولم نعرب يوما في المثال الأول فاعلا، لخلا الفعل عن فاعله وهو باطل. ونسبة الانقضاء إليه كنسبة الإرادة للجدار، وفي ذلك كلام مشهور.

خامسا: ما ذكرته من مثال (كسر الزجاج) و (انكسر) حجة عليك؛ لأن الزجاج في الأول نائب فاعل، مع وقوع الفعل عليه، بخلاف ما وقع في المثال الثاني، والمعنى ليس واحدا، بل المعنى في الأول وقوع الكسر على الزجاج حقيقة، وفي الثاني وقوعه من الزجاج، كوقوع الانقضاء من اليوم، ويجري في هذا ما أشرت إليه من الكلام المشهور.

سادسا: قولك: " وأما الاستدلال ... " فأنا أقول بموجب ما ذكرت، وهو أنه لا يمكن شرعا ولا عقلا التصرف في الزمن على وجه الحقيقة؛ لأنه عرض سيال؛ وإنما الممكن إيقاع العمل فيه. والأصل في المفعول به أن يكون الأثر الواقع عليه ظاهرا كأكل التفاحة أو ضرب زيد عمرا، وغير ذلك. والمفعول به ما كان موجودا قبل الفعل الذي عمل فيه، واليومان لم يكونا موجودين قبل ذلك، وإنما وجد قبلهما حصص من الزمان غيرهما، والمتأمل يدرك ما ذكرت.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير