تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: فإن جاء دليلٌ يدل على أنه التقى به قبلُ –كما يُحمل على هذا كلام الدارقطني السابق- فيكون مثل حماد بن سلمة وغيره، مِمّن حمل عن وهيب قبل الاختلاط وبعده.

على أنه يلاحظ أن وهيباً مُتأخرٌ بعض الشيء، ولعل شعبة وسفيان أكبر منه، وهو بصري، والبصريون في الغالب إنما سمعوا من عطاء بعدما تغيّر إلا القدماء منهم -كأيوب السختياني وقد مرّ- وعطاء كوفي، وقدم البصرة مرتين كما تقدم [14].

قلت: والخلاصة أن الذي يثبت أن وهيباً التقى بعطاء بعد الاختلاط، أما قبله فالله تعالى أعلم.

ومنهم: زائدة بن قدامة وزهير، قال الطبراني: «ثقة اختلط في آخر عمره، فما رواه عنه المتقدمون فهو صحيح، مثل: سفيان، وشعبة، وزهير، وزائدة».

قلت: لم أقف على من تابع الطبراني في ذكر زهير وزائدة، وكلاهما من الكوفة وليسا بالقديمين بالنسبة لأصحاب عطاء، وقد تقدم لنا النقل عن ابن معين وأحمد -وهما أجلّ من الطبراني- أنهما لم يستثنيا إلا شعبة والثوري، فالله أعلم.

ثانياً: من سمع منه قبل وبعد الاختلاط:

حماد بن سلمة:

وقد اختُلِف في سماعه عن عطاء هل كان قبل الاختلاط، أم بعده، أم كان في كلتا الحالتين؟ على ثلاثة أقوال:

القول الأول: من قال سمع منه بعد الاختلاط:

فهذا ظاهر كلام ابن معين -في رواية أحمد بن أبي نجيح- قال: «جميع من سمع من عطاء سمع منه في الاختلاط إلا شعبة والثوري».

قلت: وظاهر هذا أن حماد سمع منه في أثناء الاختلاط، وهذا أيضاً ظاهر ما جاء عن أحمد -في رواية أبي طالب-، وكذا أبو حاتم الرازي؛ لأنهما لم يذكرا غير سفيان وشعبة فيمن سمع منه قبل الاختلاط.

القول الثاني: من قال أنه سمع منه قبل الاختلاط:

فقد قال الدارقطني -كما سبق نقله-: «دخل عطاء البصرة مرتين، فسماع أيوب وحماد بن سلمة في الرحلة الأولى صحيح».

وهو قول يعقوب بن سفيان قال: «وما روى عنه سفيان وشعبة وحماد بن سلمة فسماع هؤلاء قديم».

القول الثالث: من قال أنه سمع منه في كلتا الحالتين:

فهو قول علي بن المديني، فقال: «وكان أبو عوانة حمل عنه قبل أن يختلط، ثم حمل عنه بعدُ، فكان لا يعقل ذا من ذا، وكذا حماد بن سلمة».

قلت: والأقرب القول الثالث أنه سمع منه في كلتا الحالتين.

ومثله: أبو عوانة، كما تقدم من كلام علي بن المديني.

وهو قول يحيى بن معين أيضاً، فقد قال: «وقد سمع منه في الصحيح والاختلاط جميعاً، ولا يحتج بحديثه».

وهو أيضاً قول الإمام أحمد، حيث قال: «أبو عوانة سمع منه بالكوفة والبصرة جميعاً».

ثالثاً: من سمع منه بعد الاختلاط:

قال أبو طالب عن أحمد: «من سمع منه قديماً فسماعه صحيح، ومن سمع منه حديثاً لم يكن بشيء، سمه منه قديماً: سفيان، وشعبة. وسمع منه حديثاً: جرير، وخالد، وإسماعيل، وعلي بن عاصم ... ».

قلت: جرير هو ابن عبد الحميد، وإسماعيل هو ابن عليّة، وخالد هو الواسطي.

ومنهم أيضاً: هشيم، كما قاله العجلي.

ومنهم أيضاً: ابن فضيل، قال أبو حاتم: «ما روى عنه ابن فضيل ففيه غلطٌ واضطراب، رفعَ أشياء كان يرويها عن التابعين، ورفعها إلى الصحابة».

وقال يعقوب بن سفيان: «رواية جرير، وابن فضيل وطبقتهم ضعيفة».

ومنهم أيضاً: ابن جريج، قاله عبد الحق.

قلت: وبالجملة رواية البصريين عنه فيها تخاليط، قال أبو حاتم: «وفي حديث البصريين عنه تخاليط كثيرة؛ لأنه قَدِم عليهم آخر عمره».

والمقصود أن من سمع من عطاء في القَدْمَةِ الثانية للبصرة أن حديثه غير مستقيم؛ لأنها كانت بعد اختلاطه، وهؤلاء هم الأكثر.

على أنه هناك من سمع من عطاء في المرة الأولى والثانية كما تقدم.

قال أبو الفضل ابن حجر: «فيتحصل لنا من مجموع كلامهم أن سفيان الثوري وشعبة وزهيراً وزائدة حماد بن زيد وأيوب عنه صحيح، ومن عداهم يتوقف فيه إلا حماد بن سلمة فاختلف قولهم، والظاهر أنه سمع منه مرتين: مرة مع أيوب كما يومئ إليه كلام الدارقطني، ومرة بعد ذلك لمّا دخل إليهم البصرة، وسمع منه جرير وذويه. والله أعلم» [15].

وخلاصة ما تقدم:

أن الذين سمعوا من عطاء على ثلاثة أقسام:

1. من سمع منه قبل الاختلاط، ولم يسمع منه بعده.

2. من سمع منه بعد الاختلاط، ولم يسمع منه قبل.

3. من سمع منه قبل وبعد.

أما القسم الأول فالأصل فيه القبول.

وأما القسم الثاني فالأصل فيه الرد، على حسب التفصيل السابق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير