تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3. أن له مكانة فيما يظهر، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك. وأما إنكار أبي البختري عليه، فلعله بسبب تنزيله هذا الحديث على أهل الشام.

4. أن هذا المتن الذي رواه؛ مستقيم من حيث المعنى، ونصوص الكتاب والسنة تشهد له، ولذا لم يستنكره أحدٌ من الحفاظ فيما وقفت عليه، والله تعالى أعلم.

وقد تقدم قول المعلمي: أن ابن سعد، وابن معين، والنسائي، وغيرهم يوثّقون من التابعين أو أتباعهم إذا وجدوا رواية أحدهم مستقيمة بأن يكون له فيما يروي: متابعٌ أو شاهد، وإن لم يُروَ عنه إلا واحد ولم يبلغهم عنه إلا حديث واحد ...

إلى أن قال: فإذا تتبع أحدهم أحاديث الراوي فوجدها مستقيمة تدل على صدقٍ وضبط، ولم يبلغه ما يوجب طعناً في دينه: وثّقه. اهـ

وقد حسّنه السيوطي في (الجامع الصغير)، وسكت عن ذلك المناوي في (فيض القدير)، فمثل هذا الراوي يكون صالحاً، ولا بأس به، وبالخبر الذي رواه. والله تعالى أعلم.

أقول: ومن شواهده القريبة من حيث اللفظ: حديث أبي أمية الشعباني قال سألت أبا ثعلبة الخشني، فقلت: يا أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية: (عليكم أنفسكم)؟

قال: أما والله لقد سألت عنها خبيراً، سألت عنها رسول الله e، فقال رسول الله e:

( بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه: فعليك بنفسك، ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيه مثل قبضٍ على الجمر، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل

عمله). وزادني غيره قال يا رسول الله أجر خمسين منهم؟ قال: (خمسين منكم) [27].

قلت: هذا الإسناد فيه ضعف، عتبة بن أبي حكيم فيه ضعف، والاختلاف فيه قوي، فقد وثقه جماعة وضعّفه آخرون.

وعمرو بن جارية فيه جهالة، وهو مقل، له عندهم هذا الحديث الواحد.

وأبو أمية الشعباني من كبار التابعين وقد ذكره ابن حبان في (الثقات).

ولكن للحديث شاهد كما ذُكر في تخريج الحديث، وإسناده صحيح إلى إبراهيم بن أبي عبلة، ولكنه منقطع بينه وبين عتبة بن غزوان، فيتقوى أحدهما بالآخر.

ويستثنى من الحديث قوله: (بل خمسين منكم) فهي لا تصح؛ لأن الراوي قال: (وزادني غيره). ولم يبيّن الذي زاده، ولعل المقصود: حديث إبراهيم بن عتبة؛ لأن هذه الزيادة فيه.

والقائل (وزادني) لا أدري من هو؟

هل هو عتبة بن حكيم، أم عمرو بن جارية، أم أبو أمية الشعباني. الله أعلم.

فعلى هذا تكون هذه الزيادة فيها نظر.

ثم هي غريبة من حيث المعنى؛ لأن فضل الصحابة لا يدركه من أتى بعدهم، وفي هذه الزيادة (أجر خمسين منكم) أي: من الصحابة. والله تعالى أعلم.

قال ابن حجر في فتح الباري (7/ 7): «حديث (للعامل منهم أجر خمسين منكم) لا يدل على أفضلية غير الصحابة على الصحابة؛ لأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة وأيضا فالأجر إنما يقع تفاضله بالنسبة إلى ما يماثله في ذلك العمل فأما ما فاز به من شاهد النبي e من زيادة فضيلة المشاهدة فلا يعدله فيها أحد» ا. هـ

هذا وبالله التوفيق.


[1] أخرج له متابعة في موضع واحد من الصحيح.

في كتاب الرقاق، باب: في الحوض، برقم (6578) من طريق: هشيم عن أبي بشر وعطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه ... ، وقد أخرجه البخاري في موضع آخر من طريق أبي بشر وحده، في كتاب التفسير برقم (4966).

وأبو بشرٍ هذا هو: جعفر بن إياس بن أبي وحشية اليشكري، وهو ثقة جليل، من أثبت الناس في سعيد بن جبير.

فيُلاحظ هنا أن البخاري لم يحتج به.

[2] جاء في رواية عن شعبة أنه وثّقه، وهي رواية مجملة، وتحمل على الروايات التي فصّل فيها حال عطاء.

[3] وينظر (ص/40) ففيها ما يؤيد ذلك.

[4] وهذا التقسيم فيه عموم ويتخلله درجات.

[5] وسيأتي قريباً عن ابن حبان ما يفيد أن التغير كان في حفظه فقط.

[6] وهذه القصة قد ذكرها أحمد عن وهيب، ولكن قال: ثلاثين حديثاً، بدل: أربعين.

ينظر: الجرح والتعديل (6/ 333)، سؤالات أبي داود (ص/382 - 383).

[7] ينظر: المعرفة والتاريخ للفسوي (2/ 708).

[8] ينظر: الجرح والتعديل (6/ 334).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير