ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: " ... و الله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم على ابني بيضاء في المسجد، سهل و أخيه".
قال الحاكم: تفرد به أهل المدينة، و رواته كلهم مدنيون، و قد روي بإسناد آخر عن موسى بن عقبة عن عبد الواحد بن حمزة عن عبد الله بن الزبير عن عائشة، و كلهم مدنيون، لم يشركهم فيه أحد.
ب ـ إذا تفرد به راو مخصوص بأن لم يروه عن فلان إلا فلان، و إن كان مرويا من وجوه عن غيره.
مثاله: الحديث الذي رواه الترمذي في سننه (1095)، و أبو داود في سننه (3744)، من طريق سفيان بن عيينة عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل عن الزهري عن أنس:
" أن النبي صلى الله عليه و سلم أولم على صفية بسويق و تمر"
قال الترمذي: "حديث غريب"
و قال ابن طاهر في "أطراف الغرائب": (غريب من حديث بكر بن وائل، تفرد به وائل بن داود، و لم يروه عنه غير سفيان بن عيينة).
الفائدة 69
و ما بعلة غموض أو خفا ..... معلل عندهم قد عرفا
المعلل: هو الحديث الذي اتضح أن في سنده أو متنه علة تقدح في صحته، مع أن الظاهرَ الخلو منها.
و قد عد الحاكم في "معرفة علوم الحديث" عشرة أجناس من العلل، و مثل لها، و قال في آخرها:
"فقد ذكرنا علل الحديث على عشرة أجناس من العلل، و بقيت أجناس لم نذكرها".
يقول الشارح: ثم إني آثرت أن لا أذكر إلا معلل السند و مثاله، و معلل المتن و مثاله، مخافة التطويل، و حرصا على التيسير و التسهيل. اهـ (جزاه الله خيرا).
الفائدة70
الطريق إلى معرفة المعلل: هو جمع طرق الحديث، و النظر في اختلاف رواته، و الموازنة بين ضبطهم و إتقانهم، ثم الحكم على الرواية المعلولة.
الفائد 71 أمثلة المعلل
1ـ معلل السند: حديث يعلى بن عبيد عن الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعا:"البيعان بالخيار ... "، فقد وهم يعلى على سفيان الثوري في قوله: "عمرو بن دينار"، إنما هو "عبد الله بن دينار"، فهو معلل بهذا الغلط مع أنه صحيح المتن.
2ـ معلل المتن: حديث "نفي قراءة البسملة في الصلاة" المروي عن أنس، و ذلك في الرواية التي تفرد بها مسلم في صحيحه من طريق الوليد بن مسلم.
و قد أعل الكثير من الأئمة كالشافعي و الدارقطني و البيهقي و غيرهم هذه الرواية التي فيها التصريح بنفي قراءة البسملة، بأن راويا من رواة الحديث حين سمع قول أنس رضي الله عنه:" صليت خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبي بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم فكانوا يستفتحون ب (الحمد لله رب العالمين)، فظن هذا الراوي نفي قراءة البسملة، فروى الحديث على ما فهم، فأخطأ، فكان نتيجة ذلك أن قال عقب الحديث:
" فلم يكونوا يستفتحون القراءة ب (بسم الله الرحمن الرحيم) "، مع أن رواية الأكثرين التي اتفق عليها البخاري و مسلم ليس فيها هذا التصريح: و هذه علة خفية أدركها العلماء الأعلام بثاقب النظر و دقة البحث.
الفائدة72
يقول الشارح: و هذا مثال يكثر من إيراده المصنفون في علم المصطلح، مع أن فيه نظرا من حيث التحقيق، و للحافظ ابن حجر في "النكت على ابن الصلاح" (2/ 749ـ771) تعليق مطول مفيد جدا على هذا التعليل، فليُنْظَر ... اهـ.
الفائدة 73
و ذو اختلافِ سندٍ أو متنِ ... مضطربٌ عند أُهَيْل الفنِّ
المضطرب: هو الحديث الذي يروى من قبل راو أو رواة متعددين على أوجه مختلفة، متساوية القوة، لا يمكن الترجيح بينها و لا الجمع، و هذا الاختلاف مشعر بعدم ضبط الراوي أو الرواة، إذ يشترط في قبول الحديث كون الراوي ضابطا.
و غالبا ما يكون الاضطراب في السند، و قد يقع في المتن أيضا.
الفائدة 74 أمثلة المضطرب
1ـ مضطرب السند: كحديث أبي هريرة رضي الله عنه:
"إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد، فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا، فلْيَخْطُطْ بين يديه خطا، ثم لا يضره ما مر أمامه".
فهذا الحديث اختلف على راويه ـ و هو اسماعيل بن أمية اختلافا كثيرا ـ:
فقيل: عنه عن أبي عمرو بن محمد حُريث عن جد حريث عن أبي هريرة.
و قيل: عنه عن أبي عمرو بن محمد بن حريث عن جده حريث بن سليم عن أبي هريرة.
و قيل ... و قيل ... إلى أكثر من عشرة وجوه.
و لذا حكم غير واحد من الحفاظ، كالنووي في "الخلاصة"، و ابن عبد الهادي، و غيره من المتأخرين: باضطراب سنده.
¥