وعليه وبناء على موقف الإمام أحمد من الرواة الضعفاء والرواة الشيوخ الذين امتنع عن الرواية عنهم بسبب خلق القرآن وبعض البدع كعلي بن الجعد يلزم وضع أحاديثهم الواردة في «المسند» في الحاشية خارج المتن، مع التعليق على كل واحد بما حكم عليه الإمام أحمد، وتقديم دراسة عن موقفه ممن أجاب بفتنة خلق القرآن، وسرد أسماء من وردت له رواية عنه، والله أعلم.
وتوجد حالة أخرى هي نفس حالة الضرب على الحديث، فمثلاً حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «لئن بقيت لنصارى بني تغلب لأقتُلَنَّ المقاتلة، ولأسبِتنَّ الذرية، فإني كتبت الكتاب بينهم وبين النبي ? على أن لا يُنَصروا أبناءهم» [ج1/ 429، رقم (2040)].
قال أبو علي اللؤلؤي الإمام (ت 333 هـ) راوي «سنن أبي دواد»: «ولم يقرأه أبو داود في العرضة الثانية»، والسبب أن أبا داود قال: «هذا حديث منكر، بلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذا الحديث إنكاراً شديداً»، ومع هذا نجد الحديث يذكر في طبعات «سنن أبي داود».
ونجد غير الإمام أحمد أيضاً من اتبع نفس الأسلوب والمنهج، فهذا الإمام الرازي (أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم ت 264).
وكان من يقرأ عليه كالبرذعي (ت هـ) مثلاً من كتبه التي دونها وروى فيها عن الشيوخ حينما يمر على حديث ثبت عنده أن راويه من الضعفاء والمتهمين والوضاعين لا يقرأه ويأمره أن يضرب عليه، وتوجد أمثلة غير قليلة، منها قول البرذعي: «فسألت أبا زرعة عنهما – حديثان - فأمرني أن أضرب عليهم، ولم يقرأهما» [«جهود أبي زرعة» ص: 410].
قلت - أي البرذعي – «أبو بكر القرشي؟ قال: ضعيف الحديث، وأمرنا أن نضرب على حديثه» ص:510.
وقال لي أبو زرعة: «محمد بن عيسى الهلالي، لا ينبغي أن يحدث عنه وأمرنا أن نضرب على حديثه» ص: 517 وفي «الجرح والتعديل» 4/ ق 1/ 38 قال عنه: «ضعيف الحديث لا ينبغي أن يحدث عنه، حدث عن محمد بن بن المنكدر بأحاديث مناكير وأمر أن يضرب على حديثه ولم يقرأ علينا حديثه».
وقال ابن أبي حاتم في ترجمة عبيد الله بن تمام البصري: «سئل أبو زرعة عنه فقال: ضعيف الحديث وأمر أن يضرب على حديثه» [ج 2/ ق 2/ 309].
وفي بعض الأحيان يلح البرذعي أو غيره على أبي زرعة بقراءة الحديث الذي أمر بالضرب عليه فلم يقرأه، فقد سئل مرة عن حديثين من رواية (عبد الله بن المبارك العيشي) فأمر بالضرب عليهما، قال البرذعي: فأمرنا أن نضرب عليهما وأنكرهما فجهدت به أن يقرأهما فأبى وقال: «هما شبيهان بالموضوع أو ما قال» [ص:708].
س 10: سؤال آخر: هل ترون أن الموسوعات الإلكترونية المعاصرة ستؤثر على عملية التأليف؟ بمعنى هل ستوقف اختصارات الكتب مثلا؟ أو ستوقف عملية الفهرسة اليدوية؟ ونحو هذا من الأمور التي لم يعد الناس بحاجة إليها الآن نظرًا لوجود الموسوعات الإلكترونية؟ وما مدى تأثير هذا العمل على النتاج الإنساني والعقلي؟
هنالك الكثير من العمل الفكري الذي يحتاج أن ندخله إلى الحاسوب.
كالقواعد الثلاثة التي هي أساس العمل لخدمة السنة النبوية وهي:
1 - قاعدة معلومات للأحاديث سنداً ومتناً.
2 - قاعدة معلومات لتراجم الرواة.
3 - قاعدة معلومات لمصطلح الحديث.
وتفصيل المراد بالقواعد الثلاثة هو التالي:
1 - أما قاعدة معلومات للأحاديث سنداً ومتناً، جمع طرق كل حديث من جميع المصنفات المدخلة إلى الحاسب لدراستها والاستفادة منها، ومعرفة المفاريد، والمتواتر، والمشهور، والعزيز، وللتوصل إلى (شجرة الأسانيد) لكل حديث، لأن الطريقة الصحيحة للحكم على هذا الحديث هو جمع كافة المتابعات والشواهد، وكما قال علي بن المديني (ت 234هـ): «الباب إذا لم تُجمع طرقه لم يتبين خطؤه»، ومن جملة تلك الغايات التي نروم الوصول إليها من ذلك تحقيق السند، ويشمل استدراك السقط، وتحرير التحريف، وتصحيح التصحيف، ومواضع البياض في بعض الأصول، وكذلك معرفة اتصال السند، وانقطاعه ومعرفة نوع الانقطاع، من تدليس، أو عضل، أو إرسال، والترجيح بين الوقف والرفع، والوصل والإرسال في حالة التعارض، إضافة إلى الوصول إلى الأحاديث بالوسائل المختلفة، جذر الكلمة (معجم مفهرس)، جملة منه، طرق الحديث، أحد رواته أو أحد الأعلام المذكورين فيه أو المكان، وهذه القاعدة تتألف من عدة دوائر، الأولى: (الكتب الستة
¥