تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل من شرط العمل بالحديث أن يعمل به السابقون؟]

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[22 - 02 - 07, 10:50 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

مسألة هل من شرط العمل بالحديث أن يقول بمضمونه السابقون من السلف وأن يعملوا به.

مثال ذلك قتل الشارب في الرابعة قال الترمذي في آخر كتابه في كتاب العلل ما لفظه: جميع ما في هذا الكتاب من الحديث هو معمول به وبه أخذ بعض أهل العلم ما خلا حديثين حديث بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطر وحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه انتهى

تحفة الأحوذي (1

478)

ومثال ذلك النهي عن صيام السبت مطلقا فلا أعلم أن أحدا من السلف عمل به إلا ما ذكره شيخنا الألباني رحمه الله لما سئل عن هذا الحديث هل عمل به السلف؟ فأجاب رحمه الله أن بعض أهل الحديث عمل به وقد أشار الطحاوي في كتابه شرح معاني الآثار (2

138) إلى أولئك في معرض رده عليهم.

وهذه المسألة مهمة وتحتاج إلى بحث وتأصيل فإن الأصل أننا متعبدون بما صح من الحديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذا لم يوجد له ناسخ , ولا يضر إن كان الأكثر لم يعمل به ففي كتاب "حصول المأمول من علم الأصول" ما نصه " اعلم أنه لايضر الخبر الصحيح عمل أكثر الأمة بخلافه لأن قول الأكثر ليس بحجة ثم يعلل صديق حسن خان ذلك بقوله: لأنا متعبدون بما بلغ إلينا من الخبر ولم نتعبد بما فهمه الراوي ولم يأت من قدم عمل الراوي على روايته بحجة تصلح للاستدلال بها.

وقد كتب العلامة أحمد شاكر رحمه الله بحثا في مسألة قتل شارب الخمر في الرابعة وأنه يقتل سماها " كلمة الفصل في قتل مدمني الخمر" وقد انتهى في بحثه إلى أن شارب الخمر إذا جلد فيها ثلاث مرات فلم يدعها وشربها الرابعة يقتل وإن حكم القتل لم ينسخ وإن دعوى الإجماع على نسخ هذا الحديث الذي أشار إليه الترمذي وترك العمل به منقوضة وأورد الأدلة والنقول التي تعزز قوله عن بعض الصحابة. .. فقه الجمع بين الصلاتين (117)

فأرجو من كان عنده فائدة في هذه المسألة أن يتفضل بها مشكورا

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 - 02 - 07, 11:25 م]ـ

الإشكال في هذه المسألة يقع من الخلط بين مفهومين:

الأول: النص الشرعي .......... الثاني: فهمي للنص الشرعي

ومع أن الفرق بينهما شاسع للغاية، إلا أنك تجد أحيانا بعض كبار العلماء - فضلا عن طلبة العلم - يخلط بينهما خلطا قبيحا جدا.

فتراه يستدل على المسألة بنص معين، ويظن أن هذا النص قاطع للنزاع، مع أن هذا النص معارض بغيره ولكنه غير مقتنع بوجود المعارضة، أو يكون هذا النص محتملا لتعدد الفهم، ولكنه غير مقتنع بوجود هذا التعدد في الفهم، فتراه يحسب أن فهمه لدلالة النص مطابقة تماما لحجية النص، وهذا واضح البطلان، إلا في حالة واحدة فقط، وهي أن يتفق جميع العقلاء على أن هذا النص لا يحتمل إلا هذا الفهم، وهذه الحالة من المحال أن توجد في النصوص الشرعية.

فمن المحال أن يوجد نص شرعي يكون صحيحا ثابتا لا مطعن فيه، وتكون دلالته واضحة جدا لا يختلف فيها اثنان، ولا يكون له معارض آخر من النصوص، ومع هذا كله يكون أكثر العلماء على خلافه حتى لا يكاد يعرف لهم مخالف.

فهذه الحالة أنا أدعي أنها من المحال أن توجد.

فإذا فهمنا ما تقدم تبين لنا أن ما يشنع به بعض الناس على أهل العلم بمثل قولهم (الحديث حجة بنفسه ولا يحتاج لعمل أحد)، وقولهم (العبرة بالدليل لا بكثرة القائلين)، وقولهم (الحق لا يعرف بالرجال) خطأ واضح في الفهم والتطبيق، وهي كلمات حق أريد بها باطل.

فنحن متفقون على أن الحديث حجة بنفسه ولا يحتاج لعمل أحد، ومتفقون على أن العبرة بالدليل لا بكثرة القائلين، ومتفقون على أن الحق لا يعرف بالرجال، وإنما الرجال يعرفون بالحق.

ولكن ماذا يعني هذا؟

هل معناه أنه من الممكن أن يكون أهل العلم جميعا أخطئوا في فهم النصوص، وخصني الله عز وجل وحدي من دون سائر العالمين بفهم شرعه؟!!

إن الذي يظن أن أهل العلم جميعا أخطئوا في مسألة من المسائل، ولم يفهموا النصوص على وجهها، وهو وحده صاحب العقل الرجيح والعلم الصحيح الذي انفرد بمعرفة الحكم الشرعي وفهم النص على وجهه - إن الذي يظن هذا الظن غالبا يكون من أكثر الناس حمقا وأقلهم عقلا وأعظمهم جهلا، وهو في أحسن أحواله عالم زل عن الحق والصواب في هذه المسألة.

وبالمثال يتضح المقال، تعال للنظر في مسألة صيام يوم السبت

وأنا هنا لا أريد أن أناقش المسألة من الناحية الترجيحية، ولكن أريد فقط أن أبين أن المسألة ليست بالصورة المعروضة.

حديث النهي عن صيام يوم السبت له ثلاثة أنظار:

النظر الأول من جهة الثبوت، والنظر الثاني من جهة الدلالة، والنظر الثالث من جهة وجود المعارض

النظر الأول: أكثر أهل العلم على أنه غير ثابت من جهة النقل، وبعضهم يرى أنه منسوخ

النظر الثاني: العلماء الذين صححوا الحديث أكثرهم على أن المراد به الإفراد

النظر الثالث: هذا الحديث ليس له ما يعضده مطلقا من الأحاديث، وله أكثر من عشرة أحاديث تعارضه.

وقد ذكر الأثرم في الناسخ والمنسوخ أن هذا الحديث هكذا جاء فردا، وجاء مخالفا لجميع الأحاديث، ولا شك أن المهيع المتبع عند أهل العلم أنهم يقدمون ما تواطأت عليه الأحاديث في دلالته على ما انفرد بدلالة شيء مخالف لجميعها.

أنا لا أريد هنا مناقشة المسألة فقهيا، ولكن أريد أن أقول: (إن القول بأن أهل العلم هنا خالفوا النص الصحيح الصريح والصواب بخلاف قولهم) قول واضح الفساد.

تستطيع أن تقول: هذا رأيي وهذا اجتهادي، ولا ألزمكم به، أما أن تقول: هذا هو دين الله الحق الذي لا يسوغ غيره، فهذا في مثل هذه المسألة من أبطل الباطل!

والله تعالى أعلى وأعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير