تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا

ويلاحظ ان المقصود من تكرار الحديث هو التفهيم لاصحابه الكرام رضوان الله عليهم اجمعين واعانتهم على حفظ الحديث وعقله فاذا تحقق هذا المقصود من غير تكرار فلا باس بعدم التكرار

قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله فى كتابه الماتع جامع بيان العلم وفضله الجزء الاول صفحة 557 ((وذلك عندهم كان ليفهم عنه كل من جالسه من قريب او بعيد وهكذا يجب ان يكرر المحدث الحديث حتى يفقهم عنه واما اذا فهم عنه فلا وجه للتكرار))

وربما دعت الحاجة الى تحفيظهم بعض النصوص المهمة فيكررها اكثر من ثلاث مرات حتى يطمئن الى حفظهم اياها كنصوص بعض الادعية والتشهد وصلاة الاستخارة ونحو ذلك ففى صحيح البخارى عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ ... الخ

وفى صحيح البخارى ايضا عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ

كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا تُعَلَّمُ الْكِتَابَةُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْقَبْرِ

واحب ان انوه هنا بمناسبة هذا الحديث عن اقتداء الصحابة رضوان الله عليهم بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم فى كل شئ حتى فى طريقة التعليم فهذا سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه وارضاه كان يفعل نفس الشئ مع بنيه ففى صحيح البخارى عن عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيَّ قَالَ كَانَ سَعْدٌ

يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ وَيَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ

وهذا المنهج التربوى الكريم الذي طبقه النبى الامين ووعاه اصحابه المكرمين يبعث على الاطمئنان الى دقة ما نقلو عنه وتمام ضبطهم له ان شاء الله تعالى ولله الحمد والمنة.

ثانيا:ان النبى صلى الله عليه وسلم كان يتخول الصحابة بالموعظة وكان معتدلا معهم فى الحديث وكان يراعى عدم الاملال عليهم وكذالك اختيار الوقت المناسب للحديث فكان صلى الله عليه وسلم يختار اوقات النشاط الذهنى والاستعداد النفسي لدى اصحابه ومباعدته بين الموعظة واختها حتى تشتاق النفس وينشرح الصدر للتلقى مم كان لهذا كله الاثر البالغ فى حفظ الصحابة وتمام ضبطهم رضوان الله عليهم اجمعين

والادلة على ذلك كثيرة ففى صحيح البخارى عن عبد الله بن مسعود قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة فى الايام كراهة السامة علينا

ولاريب ان أن مثل هذا الاسلوب يراعى طاقات المتعلمين ويطارد الملل الذي قد يصيب بعضهم وتبقى النفوس فى حالة من الشوف والترقب والاذهان فى حالة من النشاط والتحفز فتجتهد فى الحفظ والضبط والوعى قال الجاحظ ((قليل الموعظة مع نشاط الموعوظ خير من كثير وافق من الاسماع نبوة ,ومن القلوب ملالة))

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير