تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي النار وجهان: أحدهما: أنها نار فيها نور. الثاني: أنها نور ليس فيها نار , وهو قول الجمهور. وفي {بُورِكَ مَن فِي النَّارِ} خمسة أقاويل: أحدها: بوركت النار , و {مَن} زيادة , وهي في مصحف أُبي: {بُورِكَتِ النَّارُ وَمَن حَوْلَهَا} قاله مجاهد. الثاني: بورك النور الذي في النار , قاله ابن عيسى. الثالث: بورك الله الذي في النور , قاله عكرمة , وابن جبير. الرابع: أنهم الملائكة , قاله السدي. الخامس: الشجرة لأن النار اشتعلت فيها وهي خضراء لا تحترق. وفي قوله: {وَمَن حَوْلَهَا} وجهان: أحدهما: الملائكة , قاله ابن عباس. الثاني: موسى , قالها أبو صخر. "

قلت: الثابت عن جمهور السلف أن الذي في النار هو الحق تعالى، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية

وعند جمهورهم كذلك أن المراد بالنار هاهنا النور ..

قلت ولا إشكال في ذلك، وهو من جنس حديث سبحات الوجه، ولهذا أشار الماوردي بقوله إنها نار فيها نور ..

وقد يقال لفظ النار في الآية مشاكلة، لإيناس موسى

وقد يقال لا تنافي بين القولين، فنوره فيه إحراق كالنار من شدته وضيائه

وقد يقال هو نار على الأصل، وهو من حجبه تعالى

قلت: وقال ابن عباس: لما كلم الله موسى، كان النداء في السماء، وكان الله في السماء (علقه البخاري في خلق أفعال العباد)

وليس في هذا تعارض، فإنه وفق ما ذهب إليه الجمهور فإن الحق تعالى نزل ودنا وقرب من موسى، وكل هذا من الصفات الثابتة له تعالى،

فكلمه وكان محتجبا بحجابه، تبارك وتعالى

وذلك الحجاب هو ما آنسه موسى ورآه في سماء الدنيا

ويتصور أن يكون ذلك النور، والحق نازل إلى السماء، كما يليق بجلاله، أن يكون من السماء إلى الأرض، إذ لا يقدر مقدار حجابه إلا هو، من عظمته وبعده ...

وذلك متصور في المخلوق، فهذه الشمس تكون في السماء، ونورها يدنو إلى الثرى، فكيف بالباري، وله المثل الأعلى في السماوات والأرض ..

فبذلك لا تنافي بين كونه في النار، وبين كونه في السماء ليس في الأرض

فلما أتى موسى الشجرة، كلمه البارى تقدست أسماؤه

وسبحان الله رب العالمين

قال شيخ الإسلام في شرح حديث النزول:

" ومن ظن أن ما يوصف به الرب ـ عز وجل ـ لا يكون إلا مثل ما توصف به أبدان بني آدم، فغلطه أعظم من غلط من ظن أن ما توصف به الروح مثل ما توصف به الأبدان.

وأصل هذا: أن قربه ـ سبحانه ـ ودنوه من بعض مخلوقاته، لا يستلزم أن تخلو ذاته من فوق العرش، بل هو فوق العرش، ويقرب من خلقه كيف شاء، كما قال ذلك من قاله من السلف، وهذا كقربه إلى موسى لما كلمه من الشجرة، قال تعالى: {إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَن ظَلَمَ} [النمل: 7ـ11]

....

قال ابن أبي حاتم في [تفسيره]: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا شريك، عن عطاء، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه قال في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} [النمل: 8] قال: كان ذلك النار، قال الله: من في النور، ونودي أن بورك من في النور. حدثنا على بن الحسين، ثنا محمد بن حمزة، ثنا على بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن يزيد النحوي؛ أن عكرمة حدثني عن ابن عباس: {أَن بُورِكَ مَن فِي النَّار} قال: كان ذلك النار نوره {وَمَنْ حَوْلَهَا} أي: بورك من في النور ومن حول النور. وكذلك روى بإسناده من تفسير عطية عن ابن عباس: {فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ} [النمل: 8] يعني نفسه، قال: كان نور رب العالمين في الشجرة ومن حولها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير