[الفرق بين النبي والرسول.]
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[21 - 11 - 06, 11:40 ص]ـ
الفرق بين النبي والرسول
الوجه الأول: التفريق بينهما بالإبلاغ:
قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية (ص/158): (وقد ذكروا فروقا بين النبي والرسول، وأحسنها. أن من نبأه الله بخبر السماء، إن أمره أن يبلغ غيره، فهو نبي رسول، وإن لم يأمره أن يبلغ غيره، فهو نبي وليس برسول. فالرسول أخص من النبي، فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا، ولكن الرسالة أعم من جهة نفسها، فالنبوة جزء من الرسالة، إذ الرسالة تتناول النبوة وغيرها، بخلاف الرسل، فإنهم لا يتناولون الانبياء وغيرهم، بل الامر بالعكس. فالرسالة أعم من جهة نفسها، وأخص من جهة أهلها).
قال السفاريني في اللوامع (1/ 49 - 50): (لفظ النبي قال في المطلع يهمز ولا يهمز فمن جعله من
النبأ همزه لأنه ينبئ الناس عن الله ولأنه ينبأ هو بالوحي ومن لم يهمز فإما سهله وإما أخذه من النبوة وهي الرفعة لارتفاع منازل الأنبياء على الخلق، وقيل مأخوذ من النبي الذي هو الطريق لأنهم الطرق الموصلة إلى الله تعالى. وهو إنسان أوحى إليه بشرع وإن لم يؤمر بتبليغه فإن أمر بتبليغه فهو رسول أيضا على المشهور بين النبي والرسول عموم وخصوص مطلق، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا. والرسول أفضل من النبي اجماعا لتميزه بالرسالة التي هي أفضل من النبوة على الأصح خلافا لابن عبد السلام ووجه تفضيل الرسالة لأنها تثمر هداية الأمة والنبوة قاصرة على النبي فنسبتها إلى النبوة كنسبة العالم إلى العابد، ثم أن محل الخلاف فيهما مع اتحاد محلهما وقيامهما معا بشخص واحد أما مع تعدد المحل فلا خلاف في أفضلية الرسالة على النبوة ضرورة جمع الرسالة لها مع زيادة).
قال ابن حجر في الفتح (11/ 112): (قال القرطبي إن لفظ النبوة والرسالة مختلفان في أصل الوضع
فإن النبوة من النبأ وهو الخبر فالنبي في العرف هو المنبأ من جهة الله بأمر يقتضي تكليفا وإن أمر بتبليغه إلى غيره فهو رسول وإلا فهو نبي غير رسول وعلى هذا فكل رسول نبي بلا عكس فإن النبي والرسول اشتركا في أمر عام وهو النبأ وافترقا في الرسالة فإذا قلت فلان رسول تضمن انه نبي رسول وإذا قلت فلان نبي لم يستلزم انه رسول).
قال المناوي في فيض القدير (1/ 16): (المشهور بين الفقهاء ما ذكره الحليمي من التغاير وأن الفارق الأمر بالتبليغ).
قال الشيخ العثيمين في شرح الواسطية (ص/25): (الحاصل أن محمداً r رسول الله وخاتم النبيين، ختم الله به النبوة والرسالة أيضاً، لأنه إذا انتفت النبوة، وهي أعم من الرسالة، انتفت الرسالة التي هي أخص، لأن انتفاء الأعم يستلزم انتفاء الأخص، فرسول الله عليه الصلاة والسلام هو خاتم النبيين)، وقال في (ص/27): (والرسول عند أهل العلم: "من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه").
وهذا الوجه في التفريق بعيد.
قال الشنقيطي في أضواء البيان (5/ 735): (ما أشهر على ألسنة أهل العلم، من أن النَّبي هو من أوحى إليه وحي، ولم يؤمر بتبليغه، وأن الرسول هو النَّبي الذي أوحى إليه، وأمر بتبليغ ما أوحى إليه غير صحيح، لأن قوله تعالى {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِىٍّ}. يدل على أن كلاً منهما مرسل، وأنهما مع ذلك بينهما تغاير) ومقصود كلامه – رحمه الله – أن الإرسال للنبي والرسول يقتضي التبليغ وعدم الكتمان.
وقد استبعد الأشقر في رسالته الرسل والرسالات (ص/14 - 15) هذا الوجه من المغايرة وزيفه من عدة وجوه:
الأول: أن الله نص على أنه أرسل الأنبياء كما أرسل الرسل في قوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيّ ... ) (الحج: من الآية52) فإذا كان الفارق بينهما هو الأمر بالبلاغ فالإرسال يقتضي من النبي البلاغ.
الثاني: أن ترك البلاغ كتمان لوحي الله تعالى، والله لا ينزل وحيه ليكتم ويدفن في صدر واحد من الناس، ثم يموت هذا العلم بموته.
الثالث: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد ... ) – متفق عليه – فدل هذا على أن الأنبياء مأمورون بالبلاغ وأنهم يتفاوتون في مدى الاستجابة لهم. اهـ كلام الأشقر.
الوجه الثاني التفريق بينهما بكيفية الوحي:
¥