تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[توثيق أسانيد كتب العقيدة الإسلامية أ. د. عبدالله بن صالح البراك]

ـ[ابن عبدالباقى السلفى]ــــــــ[19 - 12 - 09, 12:20 ص]ـ

توثيق أسانيد كتب العقيدة الإسلامية (1/ 5)

أ. د. عبدالله بن صالح البراك

المصدر: الدرعية العددان: 39، 40، رمضان - ذو الحجة 1428هـ/ أكتوبر - ديسمبر 2007م

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:

فإنَّ المؤلفات التي تَرَكها علماء المسلمين في جميع العلوم والمعارف تُعدُّ مصدرًا مهمًّا، وتَرِكةً غنية؛ لما حوتْه من نصوص وأقوال، سواء كان النقل عن الصادق المصدوق - عليه الصلاة والسلام - أم عن الذين جاؤوا من بعده، وكذا أقوال المؤلفين وآراؤهم.

هذه الكتب وصلتْ إلينا بأصح طريق، وهو طريق الإسناد، ولهم طُرق في حفْظ الأسانيد، والاهتمام بها، والعناية بضبطها، فصَّلتُ ذلك في "أهمية الموضوع"؛ ولذا قمتُ بمحاولة اجتهادية في تلمُّس وتتبُّع بعض أسانيد كُتُب العقيدة الإسلامية والتعريف بِرُواتها، وزيادة توثيق هذه الكتب عن طريق استقراء النقول عنها، سواء بالإسناد أو غيره من صور التوثيق، وسمَّيته: "توثيق أسانيد كتب العقيدة الإسلامية إلى نهاية القرن الرابع الهجري".

أسباب اختياره:

? التنبيه إلى اهتمام أئمَّة العقيدة بضبْط مروياتهم بالأسانيد المتصلة إلى مؤلِّفي الكتب، كما هو حال أئمة الحديث سواء بسواء.

? الردُّ على مَن يُشكِّك في نسبة بعض الكتب المستفيضة إلى مؤلِّفيها بحُجج غير صحيحة، وإغفالهم ثبوت إسناد الكتاب إلى مؤلفه، وتتابُع العلماء على هذا الإثبات.

? لم أجدْ دراسة مستقلة جمعتْ جملةً من المصنفات - حسب علمي - اهتمَّتْ بتتبُّع أسانيد الكتب العقَدية والتعريف بها.

أهمية موضوع دراسة الأسانيد:

اهتمَّ علماء الإسلام بالإسناد قديمًا، وأَوْلَوْه أهمية كبيرة في توثيق مروياتهم، وجعلوه دِينًا.

قال الإمام محمد بن سيرين - رحمه الله -: "اتقوا الله يا معشر الشباب، انظروا ممَّن تأخذون هذه الأحاديث؛ فإنها مِن دينكم" [1].

وقال أيضًا: "إنَّ هذا العِلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم" [2].

وقال ابن المبارَك - رحمه الله -: "الإسنادُ من الدِّين، ولولا الإسنادُ لقال مَن شاء ما شاء" [3].

وهي خاصية شرَّف الله بها أمَّةَ محمد - صلى الله عليه وسلم - دون غيرها منَ الأمم، وميزة امتاز بها أهل السنة والجماعة عن أهل البِدَع والأهواء والضلالات.

قال أبو نصر بن سلام: "ليس شيءٌ أثقل على أهْل الإلحاد، ولا أبغض إليهم من سماع الحديث وروايته وإسناده" [4].

وذلك أنَّ أهل الأهواء إن استدلُّوا على بدعهم، إما بما ليس له إسناد، وإن أُسند فهو مما لم يصحَّ، وأما ما صحَّ فليس لهم فيه حُجة في الدلالة على مُعتقداتهم وباطلهم.

وكان من صور التدوين والحفْظ للأحاديث النبوية، وهو ما يُسمَّى "بالتدوين العام"، ما قام به الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز لمَّا تولَّى الخلافة، وخشي أن يَتَحقَّق قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله لا يقبض العلمَ انتزاعًا ينتزعُهُ من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء))؛ والحديث في الصحيحين [5].

فكتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: "انظر ما كان من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاكتبه؛ فإني خِفْتُ دُروس العلم وذهاب العلماء" [6].

وكان أبو بكر بن محمد بن عمرو واليًا وقاضيًا على المدينة.

وأمر أيضًا الإمامَ الحافظ محمدَ بن شهاب الزهْري بجمع السُّنَّة، قال الزُّهْري: "أَمَرَنا عمر بن عبدالعزيز بجمْع السنن، فكتبناها دفترًا دفترًا، فبعث إلى كلِّ أرض له عليها سلطان دفترًا" [7]، فكان - رحمه الله - أول من دوَّن العلم [8].

قال الذَّهبي واصفًا عملَ عمرَ بنِ عبدالعزيز: "وهو الذي سنَّ للمُحدِّثين التثبُّت في النقل" [9].

وفي عصر التابعين دخل تدوين السنة مرحلةً جديدة، وهو ما يُسمَّى بـ"التصنيف المرتب للسنن والآثار".

قال الذهبي في حوادث (سنة 143هـ): "وفي هذا العصْر شَرَعَ علماءُ الإسلام في تدوين الحديث الشريف والفقه والتفسير، فصنَّف ابن جريج التصانيف في مكة، وصنَّف سعيد بن أبي عروبة ... وصنف مالك "الموطأ" في المدينة، وصنف ابن إسحاق "المغازي"، وكثر تدوين العلم وتبويبه، ودونت العربية واللغة والتاريخ وأيام الناس" [10].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير