[أنواع الأنوار لابن القيم]
ـ[انس بن عبد الله]ــــــــ[13 - 10 - 09, 11:19 م]ـ
ذكر ابن القيم رحمه الله في أوائل كتابه إجتماع الجيوش الإسلامية لغزو المعطلة والجهمية فصلاً في ذكر الأنوار فقال رحمه الله
فصل في ذكر الأنوار وفيه فوائد جليلة
والله سبحانه وتعالى سمى نفسه نورا وجعل كتابه نورا ورسوله نورا ودينه نورا واحتجب عن خلقه بالنور وجعل دار أوليائه نورا يتلألأ قال الله تعالى الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم يمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم
وقد فسر قوله تعالى الله نور السموات والأرض بكونه منور السموات والأرض وهادي أهل السموات والأرض فنوره اهتدى أهل السموات والأرض وهذا إنما هو فعله وإلا فالنور الذي هو من أوصافه قائم به ومنه اشتق له اسم النور الذي هو أحد الأسماء الحسنى والنور يضاف إليه سبحانه على أحد وجهين أضافة صفة إلى موصوفها وإضافة مفعول إلى فاعله فالأول كقوله عز و جل وأشرقت الأرض بنور ربها فهذا إشراقها يوم القيامة بنوره تعالى إذا جاء لفصل القضاء ومنه قول النبي في الدعاء المشهور أعوذ بنور وجهك الكريم أن تضلني لا إله إلا أنت وفي الأثر الآخر أعوذ بوجهك أو بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات فأخبر أن الظلمات أشرقت لنور وجه الله كما أخبر تعالى أن الأرض تشرق يوم القيامة بنوره
وفي معجم الطبراني والسنة له وكتاب عثمان الدارمي وغيرها عن ابن مسعود رضي الله عنه قال ليس عند ربكم ليل ولا نهار نور السموات والأرض من نور وجهه
وهذا الذي قاله ابن مسعود رضي الله عنه أقرب إلى تفسير الآية من قول من فسرها بأنه هادي أهل السموات والأرض وأما من فسرها بأنه منور السموات والأرض فلا تنافي بينه وبين قول ابن مسعود والحق أنه نور السموات والأرض بهذه الاعتبارات كلها
وفي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قام فينا رسول الله بخمس كلمات فقال إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفع اليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلفه
وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال سألت رسول الله هل رأيت ربك قال نور أنني أراه فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول معناه كان ثم نور وحال دون رؤيته نور فأنى أراه
قال ويدل عليه أن في بعض الألفاظ الصحيحة هل رأيت ربك فقال رأيت نورا وقد اعضل أمر هذا الحديث على كثير من الناس حتى صحفه بعضهم فقال نور أنى أراه على أنها ياء النسب والكلمة كلمة واحدة وهذا خطأ لفظا ومعنى وإنما أوجب لهم هذاالاشكال والخطأ أنهم لما اعتقدوا أن رسول الله رأى ربه وكان قوله أني أراه كالانكار للرؤية حاروا في الحديث ورده بعضهم باضطراب لفظه وكل هذا عدول عن موجب الدليل
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرؤية له اجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج وبعضهم استثنى ابن عباس فيمن قال ذلك وشيخنا يقول ليس ذلك بخلاف في الحقيقة فإن ابن عباس لم يقل رآه بعيني رأسه وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين حيث قال إنه رآه
عز و جل ولم يقل بعيني رأسه ولفظ أحمد لفظ ابن عباس رضي الله عنهما ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر رضي الله عنه قوله في الحديث الآخر حجابه النور فهذا النور هو والله أعلم النور المذكور في حديث أبي ذر رضي الله عنه رأيت نورا