تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[لا يا أبا عبد الرحمن! مذهب الواقفة ليس مذهب الصحابة الكرام. رد للشيخ عبدالله العنقري حفظه الله]

ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[20 - 12 - 10, 01:49 م]ـ

لا يا أبا عبد الرحمن! مذهب الواقفة ليس مذهب الصحابة الكرام

كتبه: د. عبد الله بن عبد العزيز العنقري (*)

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد ...

فقد اطلعت على ما كتبه الشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري في جريدة الجزيرة، في العدد (13921) بتاريخ 3 - 12 - 1431هـ في رده على فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك، واستغربت ما اختاره أبو عبد الرحمن بن عقيل من ترجيح أنّ الصواب هو ما قالت به الواقفة في أمر القرآن!.

ولم تكن الغرابة مقصورة على كون الحق على خلاف ما قالته الواقفة فحسب، بل كانت الغرابة أعظم في نسبته هذه المقولة إلى أصحاب نبينا.

وقبل الدخول في مناقشة ما قال أبو عبد الرحمن وفّقه الله لكل خير، فإنّ من المهم التأكيد على أنّ قول أهل السنّة بأنّ القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق من أعظم أمور الاعتقاد جلاءً ووضوحاً، لأنّ عناية أئمة السنّة ببيان هذا الاعتقاد لم تكن محصورة في تدوينه في المصنّفات، بل كان اعتقادهم في القرآن مصحوباً بالتطبيق الواقعي الذي رسّخه في القلوب، إذ تحمّلوا رضوان الله عليهم بسبب اعتقادهم في القرآن أشد أنواع الابتلاء؛ بما يمكن معه القول: إنهم لم يُمتحنوا في شيء من اعتقادهم، كما امتُحنوا في اعتقادهم في القرآن، فجلَّوا أمر الاعتقاد فيه بالكتابة المسطورة والمواقف المشهودة المشهورة، وكلامهم أوسع من أن نستقصيه في عجالة كهذه.

وقد رمى أبو عبد الرحمن من قال بالقول المقرر عند أهل السنّة بعبارات شديدة، من أعجبها أنّ مستند القائلين به مجرّد التقليد، وأنه قول من قفا ما ليس له به علم! جازماً بأنّ السلف الأول لم يصح عنهم كلمة واحدة في الموضوع، وأنّ الأمر إنما ورد عن سفيان الذي لم يدرك من الصحابة أحداً! كما أنّ أبا عبد الرحمن أيضاً نسب القول بالوقف إلى مَن لم يكن من القائلين به أصلاً، بل قال بمسألة أخرى غير الوقف، كما يأتي إيضاحه بعون الله في آخر المقالة، وكل ذلك مما يُستكثر من مثل أبي عبد الرحمن؛ لما تضمّنه من مجانبة بينة للمنهج العلمي السليم الذي ينبغي للباحث أن يجعله نصب عينيه.

ومرادي هنا أن أناقش الشيخ فيما كتبه من خلال أمور أربعة آمل أن يجيب عنها بالأسلوب اللائق بالعلم وأهله، دون اللجوء إلى العنف في الرد، أو السخرية أثناء العرض، فإنّ ذلك مما لا يعجز عنه أحد، وهو بكتّاب المقالات الساخرة أولى من أهل العلم والبصيرة، وذوي السّنّ والتجربة.

وأنبّه من الآن إلى أني أقتصر عند عزو ما أنقل إلى مرجع واحد غالباً، من باب الاختصار. كما أني - وطلباً للاختصار - لن أناقش جميع ما ذكره أبو عبد الرحمن؛ لئلا يطول الرد، بل سأقتصر إن شاء الله على الأمور الأربعة الآتية:

الأمر الأول

ألم تكن مقالة الوقف في القرآن من اختراع الجهمية في أصلها؟

لا شك أنّ القائلين بالوقف لا يروون حرفاً واحداً عن الصحابة أو التابعين بلزوم الوقف، بخلاف علماء السنّة الذين سننقل بحول الله جانباً من أدلّتهم الجلية على ما قالوه من وجوب الجزم بأنّ القرآن منزل غير مخلوق.

وهنا يجيء هذا السؤال المهم: فمن أين جاءت مقالة الواقفة إذاً؟

فيقال: من المعلوم أنّ القائلين بخلق القرآن لما ضعفت شوكتهم وانتهت فترة تسلُّطهم بانتهاء خلافة الواثق سلكوا مسلكاً جديداً يعتمد إخفاء حقيقة مذهبهم، بادعاء أنهم تركوا الخوض في مسألة القرآن بالكلية، فلا يقولون هو مخلوق ولا غير مخلوق، مع بقائهم في واقع الأمر على مقولتهم السابقة، والتي لم يعد بإمكانهم الجهر بها، بعد أن رسخ في الأمة قول أهل السنّة بفضل الله ثم بصمود أئمة السنّة وتحمُّلهم عظيم الابتلاء في ذلك السبيل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير