هشام بن عمار: حدثنا عبد المؤمن بن مهلهل، حدثني رجل قال: حج معاوية، فاطلع في بئر عادية بالأبواء، فضربته اللقوة فدخل داره بمكة، وأرخى حجابه، واعتم بعمامة سوداء على شقه الذي لم يصب، ثم أذن للناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس! إن ابن آدم بعرض بلاء ; إما مبتلى ليؤجر ; أو معاقب بذنب، وإما مستعتب ليعتب، وما أعتذر من واحدة من ثلاث، فإن ابتليت، فقد ابتلي الصالحون قبلي، وإن عوقبت، فقد عوقب الخاطئون قبلي، وما آمن أن أكون منهم، وإن مرض عضو مني، فما أحصي صحيحي. ولو كان الأمر إلى نفسي، ما كان لي على ربي أكثر مما أعطاني، فأنا ابن بضع وستين، فرحم الله من دعا لي بالعافية، فوالله لئن عتب علي بعض خاصتكم، لقد كنت حدبا على عامتكم، فعج الناس يدعون له، وبكى.
مغيرة: عن الشعبي، قال: أول من خطب جالسا معاوية حين سمن.
أبو المليح: عن ميمون بن مهران، قال: أول من جلس على المنبر، واستأذن الناس معاوية ; فأذنوا له.
وعن عبادة بن نسي: خطبنا معاوية بالصنبرة فقال: لقد شهد معي صفين ثلاث مائة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما بقي منهم غيري.
إسناده لين.
يوسف بن عبدة ; سمعت ابن سيرين يقول: أخذت معاوية قرة فاتخذ لحفا خفافا تلقى عليه، فلم يلبث أن يتأذى بها. فإذا رفعت، سأل أن ترد عليه، فقال: قبحك الله من دار، مكثت فيك عشرين سنة أميرا، وعشرين سنة خليفة، وصرت إلى ما أرى.
قال الزبير بن بكار: كان معاوية أول من اتخذ الديوان للختم، وأمر بالنيروز والمهرجان، واتخذ المقاصير في الجامع، وأول من قتل مسلما صبرا وأول من قام على رأسه حرس، وأول من قيدت بين يديه الجنائب، وأول من اتخذ الخدام الخصيان في الإسلام، وأول من بلغ درجات المنبر خمس عشرة مرقاة، وكان يقول: أنا أول الملوك.
قلت: نعم. فقد روى سفينة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة. ثم تكون ملكا فانقضت خلافة النبوة ثلاثين عاما، وولي معاوية، فبالغ في التجمل والهيئة، وقل أن بلغ سلطان إلى رتبته، وليته لم يعهد بالأمر إلى ابنه يزيد، وترك الأمة من اختياره لهم.
علي بن عاصم: عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: لما احتضر معاوية، قال: إني كنت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الصفا، وإني دعوت بمشقص، فأخذت من شعره، وهو في موضع كذا وكذا، فإذا أنا مت، فخذوا ذلك الشعر، فاحشوا به فمي ومنخري.
وروي بإسناد عن ميمون بن مهران نحوه.
محمد بن مصفى: حدثنا بقية عن بحير، عن خالد بن معدان، قال: وفد المقدام بن معدي كرب، وعمرو بن الأسود، ورجل من الأسد له صحبة إلى معاوية. فقال معاوية للمقدام: توفي الحسن، فاسترجع. فقال: أتراها مصيبة؟ قال: ولم لا؟ وقد وضعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجره وقال: هذا مني، وحسين من علي. فقال للأسدي: ما تقول أنت؟ قال: جمرة أطفئت. فقال المقدام: أنشدك الله! هل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن لبس الذهب والحرير، وعن جلود السباع والركوب عليها؟ قال: نعم. قال: فوالله لقد رأيت هذا كله في بيتك. فقال معاوية: عرفت أني لا أنجو منك.
إسناده قوي.
ومعاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم، وما هو ببريء من الهنات، والله يعفو عنه.
المدائني: عن أبي عبيد الله، عن، عبادة بن نسي، قال: خطب معاوية، فقال: إني من زرع قد استحصد، وقد طالت إمرتي عليكم حتى مللتكم ومللتموني، ولا يأتيكم بعدي خير مني، كما أن من كان قبلي خير مني. اللهم قد أحببت لقاءك فأحب لقائي.
الواقدي: حدثنا ابن أبي سبرة، عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى، قال: قال معاوية ليزيد وهو يوصيه: اتق الله، فقد وطأت لك الأمر، ووليت من ذلك ما وليت، فإن يك خيرا فأنا أسعد به، وإن كان غير ذلك شقيت به. فارفق بالناس، وإياك وجبه أهل الشرف والتكبر عليهم.
وقيل: إن معاوية قال ليزيد: إن أخوف ما أخافه شيء عملته في أمرك، شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما قلم أظفاره، وأخذ من شعره، فجمعت ذلك، فإذا مت، فاحش به فمي وأنفي.
¥