تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[(2) التعليق على الوقف اللازم على قوله تعالى (كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم)]

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[12 Nov 2003, 03:58 م]ـ

قوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (البقرة:118).

الوقف اللازم في هذه الآية على قوله تعالى: (مثل قولهم)، ومن ثَمَّ، فما بعدها مفصول عنها.

ويكون مقول القول محذوفاً، قد دلَّ عليه سباق الآية، وهو ما ذكره الله من قولِ الذين لا يعلمون: (لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية)، فمقولهم المحذوف: هو هذا الاقتراح.

ولو وصل القارئ قولَه تعالى: (مثل قولهم) بقوله تعالى: (تشابهت قلوبهم)؛ لتُوهِّم أن جملة: (تشابهت قلوبهم) هي مقولُ القَولِ، وليس الأمر كذلك، وبناءً عليه لَزِمَ الوقف على قوله: (مثل قولهم)؛ لِيُفهَم المعنى بالفصل.

قال شيخ زاده في حاشيته على البيضاوي: ((قوله: (تشابهت قلوبهم) استئناف على وجه تعليلِ تشابُهِ مقالتِهم بمقالةِ من قبلهم)) (1).

وقال الآلوسي في قوله: (تشابهت قلوبهم): ((والجملة مقررة لما قبلها)) (2).

وقال أبو حيان: (((تشابهت قلوبهم) الضمير عائد على الذين لا يعلمون والذين من قبلهم، لما ذكر تماثل المقالات، وهي صادرة عن الأهواء والقلوب، ذَكَرَ تماثلَ قلوبهم في العمى والجهل؛ كقوله تعالى: (أتواصوا به) (الذاريات: 53))) (3).

أقوال علماء الوقف:

اختلف علماء الوقف في الحكم على هذا الموضع على أقوالٍ:

الأول: أنَّ الوقف تامٌّ، وهو اختيار ابن مجاهد أحمد بن موسى (4)، والهمذاني (5).

الثاني: أنَّ الوقف كافٍ، وبه قال الأنصاري (6).

الثالث: أنه حسن، وهو قول الأشموني (7).

الرابع: أنه مطلق، وهو قول السجاوندي (8).

و الأَولى في الحكم هنا: الفصلُ بين الجملتين، للْعِلَّةِ المذكورة، وهي أن يُتَوَهَّمَ أنَّ قوله تعالى: (تشابهت قلوبهم) من مقول الكفار.

والصواب أن المقول محذوف، وأن هذه الجملة مستأنفة، وبهذا يكون قول الأشموني بأنه وقف حَسَنٌ غير صحيح، لأنه يلزم من ذلك التعلق الإعرابي وهو غير موجود.

ومع هذا الاستئناف هل الوقف من التام أو الكافي؟.

الأصحُّ أنَّ الوقف كافٍ؛ لأن السياق ما زال متصلاً بالحديث عن الكفار، ويؤكد ذلك الضمير في قوله: ((قلوبهم))، فهو يعود على الذين لا يعلمون والذين من قبلهم المذكورين في الآية. وبهذا تكون الآية مرتبطة بما قبلها في المعنى، واللهُ أعلمُ.

و أما حكم السجاوندي بأنه مطلق، فصحيح أيضًا؛ لأن جملة: (تشابهت قلوبهم) يصحُّ البدء بها، لأن ضابطَ الوقف المطلق عنده هو صِحَّةُ البَدْءِ بما بعد الوقف. والله أعلم.

ــــــــــــــــ

(1) حاشية شيخ زاده على البيضاوي 1: 402.

(2) روح المعاني 1: 370، وانظر: التحرير والتنوير 1: 689، فقد ذكر مثل ذلك.

(3) البحر المحيط 1: 367، وانظر: تفسير ابن جزي 1: 58.

(4) انظر: القطع والائتناف 161.

(5) الهادي في معرفة المقاطع والمبادي 1: 73.

(6) المقصد 47 ـ 48.

(7) منار الهدى 47 ـ 48.

(8) علل الوقوف 1: 121.

ـ[أحمد النبوي]ــــــــ[19 Apr 2010, 01:40 ص]ـ

جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم، تخريج طيب لطيف للوقف.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير