[سورة الفاتحة، وما قد يكون دليلا على مكيتها]
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[17 Nov 2003, 02:46 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد، فقد ذكر الزرقاني في (مناهل العرفان) أن السورالمختلف في مكيتها ومدنيتها إثنا عشر سورة، و منها (الفاتحة)
و كان في الفصل السابق لهذا الفصل يتكلم على أول وآخر ما نزل من القرآن، فذكر أن للعلماء أربعة أقوال في أول ما نزل من القرآن، و من هذه الأقوال أن أول ما نزل من القرآن (فاتحة الكتاب) و استدل لأصحاب القول بما رواه البيهقي في الدلائل بسنده عن ميسرة عمر بن شرحبيل ... الحديث (أنظر المناهل 1/ 95 طـ عيسى الحلبي)، ثم ردّ الاستدلال بهذا الحديث بوجهين:
*أحدهما / أنه مرسل (سقط من سنده الصحابي) ـ هكذا قال ـ
*الثاني / أنه في غير محل الخلاف، فقال (بل يفهم منها أن الفاتحة كانت بعد ذلك العهد ـ أي عهد أول النبوة ـ و بعد أن أتى الرسول إلىورقة و بعد أن سمع النداء من خلفه غير مرة، و بعد أن أشار عليه ورقة أن يثبت عند هذا النداء حتى يسمع ما يلقى إليه، و ليس كلامنا في هذا، إنما هو فيما نزل أول مرة)) أهـ كلامه
أقول ــ و أرجو الانتباه وربط كلامي بعضه ببعض ــ /// أعلمكم أن عموم الأزاهرة عندنا ليس لهم كبير شغل في علم الحديث، لاسيما إن لم يكن من تخصصه الدراسي، و لعل ذلك يظهر جليا في كلام الزرقاني ـ رحمه الله تعالى ـ في الوجه الأول من ردّه، حيث قال ـ بالنص ـ ((سقط من سنده الصحابي))، و الطالب المبتدئ في علم الحديث يعلم ظهور الخطأ في هذا التعريف للمرسل، لأننل لو علمنا أن الساقط صحابي لصححنا الحديث لعموم عدالة الصحابة ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ،،،،، إذا تقرر ذلك، فنقول بأن حكم الزرقاني على الحديث لا نعتمده وكأنه لم يكن، وإذا كان ذلك كذلك فيبقى الحديث خاضع للبحث، و يكون محتملا للصحة والضعف
و هنا نقول: إن صح الحديث فأراه ظاهر الدلالة على كون (الفاتحة) مكية، لأنها ـ كما في الوجه الثاني في ردّ الزرقاني ـ نزلت عقيب أول ما نزل من القرءان بفترة وجيزة جدا حتى أن ذلك كان سببا في وجود قول بأنها أول ما نزل من القرآن مطلقا.
هذا ما أراه، وأرجو من مشايخي الكرام على الملتقى المبارك أن يقوّموا لي ما فهمته
زادكم الله علما و عملا ـ آمين ـ
ـ[عبد الله]ــــــــ[18 Nov 2003, 01:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل محمد يوسف - وفقه الله.
سورة الفاتحة مختلف فيها، فعند الأكثرين هي مكية من أوائل ما نزل من القرآن. واحتج هذا الفريق بثلاثة أحاديث ضعيفة.
وعند مجاهد أن الفاتحة مدنية.
قال الحسين بن الفضل: لكل عالم هفوة وهذه بادرة من مجاهد لأنه تفرد بهذا القول والعلماء على خلافه.
ومما يقطع به على أنها مكية قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (الحجر: 87) يعني الفاتحة.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ عليه أبي بن كعب أم القرآن فقال: (والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة ولا الإنجيل ولا الزبور ولا في القرآن مثلها إنها لهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). أخرجه الترمذي 3125، والحاكم في المستدرك 2/ 258.
وسورة الحجر مكية بلا خلاف، ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا مما لا تقبله العقول. أسباب النزول للواحدي 55 – 56.
وحكم الزرقاني بإرسال الحديث صحيح، وإن كنا لا نوافقه في التعليل، فمن المعلوم أن المرسل هو قول التابعي الكبير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل كذا، فقد يكون روى هذا الحديث عن تابعي آخر، والتابعون لم يُقطع بعدالتهم.
وهذا عند المحدثين، أما الفقهاء وعلماء الأصول، فوسعوا مفهوم المرسل ليشمل المعضل والمنقطع ...
لكن وجدت كلاماً للزرقاني، أقرب من تعميمه السابق، يقول: إذا روي سبب النزول بحديث مرسل أي سقط من سنده الصحابي وانتهى إلى التابعي فحكمه ... " مناهل العرفان 1/ 82
فالحديث الذي يرويه التابعي بقوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ً يكون قد سقط منه الصحابي قطعا، لكن هل رواه عن صحابي أم عن تابعي آخر؟
فقوله سقط منه صحابي ليس على إطلاقه، كما أنه لم يعمد إلى تعريف الحديث المرسل التعريف المعهود، فقد رأيت طريقته في تعريف المصطلحات، وتطبيق شروط المناطقة على التعريف، حتى يكون جامعاً مانعاً.
وأرى أن مثل هذا الالتماس، أولى من نسبة الضعف في الحديث للزرقاني، ونسبته إلى عموم الأزاهرة – على حد قولكم – فهذه القلعة الشامخة يكفيها ما ترمى به من سهام أعداء الله ورسوله، حتى يأتي أبناؤها – من حيث لا يقصدون – إلى تسديد الرمية وإحكام الطعنة!
سامحني أخي محمد – إن جاء في بعض العبارة قسوة – فجامعة الأزهر، وإن لم تكن جامعة الأزهر أيام زمان، لكنها تبقى أبرز المعالم الإسلامية في أرض الكنانة، ونعلم أنها تدرس الحديث والفقه والأصول في الكليات الأخرى غير المتخصصة في الحديث، عدا عن حفظ القرآن الكريم كاملاً خلال السنوات الأربع، هذا فضلاً عن كلية أصول الدين التي يدرس فيها الطالب سنتين مواد في الحديث والتفسير والفلسفة (العقائد) ثم يستطيع أن يتخصص في الحديث في السنتين المتبقيتين، وأن يتابع تخصصه في الحديث في دراساته العليا، وهذا لا يخفى عليكم.
أسأل الله لي ولكم السداد والتوفيق
عبد الله إبراهيم
¥