تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الاقتباس من القرآن الكريم]

ـ[الخطيب]ــــــــ[15 Nov 2003, 06:49 م]ـ

[الاقتباس من القرآن الكريم]

الاقتباس هوفي اللغة: هو طلب القبس , وهو الشعلة من النار , ويستعار لطلب العلم , قال الجوهري في الصحاح: اقتبست منه علما: أي استفدته0

واصطلاحا: هو تضمين الشعر أو النثر بعض القرآن، لا على أنه منه، ويخرج بهذا القيد الأخير ما إذا قيل قبل الكلام المقتبس: قال الله تعالى ونحوه لأنه ليس باقتباس بل هو استشهاد مع إحالة إلى مصدر الاستشهاد.

*ويخلط كثيرون بينه وبين التضمين – الذي هو نوع من البديع – والواقع أن هناك فرقا بينه وبين التضمين، فالاقتباس هو أخذ كلمات أو عبارات قرآنية مع التغيير فيها، أما التضمين فهو أخذ كلمات أو آيات بنصها دون التغيير فيها ويشتركان في عدم الإحالة إلى المصدر. وممن جعلوا الاقتباس والتضمين شيئا واحدا ابن القيم في كتابه " الفوائد المشوق " حيث قال: الاقتباس ويسمى " التضمين " هو أن يأخذ المتكلم كلاما من كلام غيره يدرجه في لفظه لتأكيد المعنى الذي أتى به فإن كان كلاما كثيرا أو بيتا من الشعر فهو تضمين وإن كان كلاما قليلا أو نصف بيت فهو " إيداع " وعلى هذا الحد ليس في القرآن منه شيء إلا ما أودع فيه من حكايات أقوال المخلوقين مثل ما حكاه القرآن الكريم عن قول الملائكة: {قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} (البقرة:30) ومثل حكاية أقوال المنافقين واليهود والنصارى ونحو ذلك.

*ويتنوع الاقتباس إلى نوعين: أحدهما: ما لم ينقل فيه المقتبَس (بفتح الباء) عن معناه الأصلي , ومنه قول الشاعر:

قد كان ما خفت أن يكونا إنا إلى الله راجعونا

وهذا من الاقتباس الذي فيه تغيير يسير , لأن الآية {وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} (البقرة: 156).

والثاني: ما نقل فيه المقتبس عن معناه الأصلي كقول ابن الرومي:

لئن أخطأت في مدحك ما أخطأت في منعي

لقد أنزلت حاجاتي (بواد غير ذي زرع)

فقوله {بواد غير ذي زرع} اقتباس من القرآن الكريم (من سورة إبراهيم:37) وهي في القرآن الكريم بمعنى {مكة المكرمة, إذ لا ماء فيها ولا نبات , فنقله الشاعر عن هذا المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي هو: " لا نفع فيه ولا خير ".

* حكم الاقتباس فى ضوء ما يراه علماء الشرع:

إذا أردنا أن نقف على الحكم الشرعى فى قضية الاقتباس فإنه يجب علينا أولا أن نفرق بين حالتين للاقتباس الأولى أن يكون فى الشعر، والأخرى أن يكون فى النثر وإليك البيان:

أولا- الاقتباس فى الشعر

يرى بعض الفقهاء أن الاقتباس فى الشعر غير جائز أصلا لأنه يجب أن ينزه القرآن عن الشعر مطلقا وإن حسن الغرض وشرف المقصد إذ كيف يجوز ذلك فى ضوء نفى وصف الشعر عن القرآن الكريم بمقتضى آيات القرآن الكريم والتى منها قوله تعالى: " وما هو بقول شاعر " وقوله تعالى: " وما علمناه الشعر وما ينبغى له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين " وإذا كان بعض الفقهاء قد تحفظوا على الاقتباس من القرآن الكريم فى الشعر وإن كان فى مقامات شريفة، فإنهم قد أجمعوا على منع ذلك إذا كان الكلام غير لائق بالقرآن الكريم، وأما فى الأغراض اللائقة، فمنعه بعض المالكية وأجازه غيرهم، وخص بعض المجيزين أن يكون ذلك فى مقام الوعظ والثناء وفى النثر دون الشعر0 وقد وقع الاقتباس الجيد في الشعر أيضا من شعراء لا يشك فى حميتهم الدينية فلم ينكر عليهم، إلا من بعض المالكية، ومن الرموز فى عصرنا الحديث الذين اقتبسوا من القرآن الكريم فى أشعارهم فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى ومن الاقتباس غير اللائق في الشعر قول القائل:

أوحى إلى عشاقه طرفه هيهات هيهات لما توعدون

وردفه ينطق من خلفه لمثل ذا فليعمل العاملون

وقال آخر:

قسما بشمس جبينه وضحاها** ونهار مبسمه إذا جلاها

وبنار خديه المشعشع نورها** وبليل صدغيه إذا يغشاها

لقد ادعيت دعاويا في حبه **صدقت وأفلح من بذا زكاها

فنفوس عذالي عليه وعذري **قد ألهمت بفجورها تقواها

فالعذر أسعدها مقيم دليله **والعذل منبعث له أشقاها

وقد أثيرت قضية الاقتباس من القرآن الكريم فى الأعمال الأدبية والشعر حديثا بسبب عملين قد أثارا ضجة إعلامية وسخطا لدى الغيورين على القرآن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير