[صفوة القول في تفسير الدوسري (صفوة الآثار والمفاهيم) (2) [المميزات] مهم ...]
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[10 Feb 2004, 12:30 ص]ـ
صفوة القول في تفسير الدوسري (صفوة الآثار والمفاهيم) (2) [المميزات]
.من خلال معايشتي لهذا التفسير ودراسة منهج مؤلفه فيه، أستطيع أن أكشف المميزات التي تبرز هذا التفسير وتبين قيمته العلمية والجهد الكبير الذي قدمه فيه مؤلفه، وسأقتصر هنا على بيان المميزات التي ظهر فيها التجديد والإضافة. وأبرز ماتميز به تفسير الدوسري رحمه الله وكان له أثر كبير في بروزه ثلاثة جوانب مهمة ظهر فيها جهده واستقلاليته وتجديده:
أولاً- جانب العقيدة وبروزه في تفسيره:
لقد جاء جانب العقيدة في تفسير الدوسري أعظم جانب يميزه ويبرزه، ويتمثل تميزه في هذا الجانب بعدة أمور:
1 - تضلعه بالعقيدة الصافية وفهمه لها وشعوره بأهميتها وعظم شأنها، الأمر الذي جعله يعايشها خلال تفسيره كله، وتتركز أفكاره عليها.
2 - تركيزه عليها حتى جعل أهداف القرآن كله تتركز عليها وتنبثق منها، ولهذا فقد تعامل مع القرآن من هذا الأساس، وبنى تفسيره عليه، ولا شك أن المتأمل في كتاب الله تعالى يجد صحة المنهج والمسلك الذي اتخذه الدوسري في ذلك إذ أن أهداف القرآن كلها تتركز على العقيدة، يؤكد ذلك ابن القيم رحمه الله فيقول: ( ... بل نقول قولاً كلياً: إن كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به داعية إليه، فإن القرآن إما خبر عن الله، وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري، وإما دعوة إلى عبادته وحده لاشريك له، وخلع كل مايعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي، وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته في نهيه وأمره، فهي حقوق التوحيد ومكملاته، وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا، وما يكرمهم به في الآخرة، فهو جزاء توحيده، وإما خبر عن أهل الشرك، وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحل بهم في العقبى من العذاب، فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد، فالقرآن كله في التوحيد وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم
3 - عنايته الخاصة بتفصيل آياتها وسورها، ويؤكد ذلك قوله في إحدى محاضراته حينما سئل عن تفسيره: (التفسير طويل، وعلى الأخص في السور العقائدية فأنا أوليها اهتمام وتفصيل وتطويل).
4 - ربط الأحكام التشريعية وحِكمها بها وجعلها - اعني العقيدة - أساساً ومنطلقاً يبنى عليه الحكم التشريعي، وهذا أمر تجلى فيه جهده واجتهاده، وتفرد به عن كثير من المفسرين.
5 - عرضها عرضاً حياً عالج خلاله قضايا العقيدة المعاصرة وأبرز من خلال ذلك شمولها وتميزها وصلاحيتها لأحوال البشر وجميع قضاياهم، وهذا أيضاً أمر تميز به تفسيره حقاً حتى سبق به أكثر الكتاب والمفسرين.
وبهذا أستطيع أن أقرر بكل ثقة أن قاعدته التي بنى عليها تفسيره وجعلها هدفاً وجه إليه تركيزه واعتماده وأساساً ثابتاً في رسم المنج الصحيح، هي العقيدة، وكفى بهذا تميزا للتفسير كيف وقد بنى هذه القاعدة على أساس صلب ومنهج قويم الذي هو منهج السلف الصالح رحمهم الله.
ثانياً - النظرة الواقعية وتطبيقها في التفسير:
إن من أبرز مايميز الدوسري رحمه الله تعالى في حياته النظرة الواقعية التي كان يعيشها إذ كان على فهم عميق واطلاع واسع ومعرفة للواقع، مما كان له الأثر الأكبر في سعة أفقه وإدراكه وبعد نظره وتفكيره، وقد استطاع أن يربط تلك النظرة الواقعية بالقرآن ليستوحي منه المنهج الحق ويبرز مكانة القرآن ومناسيبته لجميع الأحوال والأوضاع مهما تغير الزمان والمكان ومهما بلغ العالم من التقدم والتطور، وقد اعطى هذا الجانب تفسير الدوسري وأكسبه تميزاً وتجديداً سبق به أكثر المفسرين، وقد ظهر هذا التميز في تفسيره في عدة جوانب:
1 - ربط الواقع بدلالات الآيات وأهدافها ربطاً مباشراً حتى كأن القارئ يشعر بتجدد معاني القرآن مما يظهر به إعجازه ومناسبته للعصر.
2 - معالجة الواقع بما فيه من أمراض وأفكار منحرفة وضعف وانحطاط وهزيمة نفسية على ضوء القرآن وهداياته.
3 - تصوير الإسلام وتشريعاته تصويراً كاملاً معجزاً متناسباً من أحوال العصر ومتطلباته، وبيان حقيقة هذا الدين الذي يظهر به عدالته وشموله.
¥