تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[هل يستدل بفهم الصحابي لهذه الآية على اعتبار مذهب الظاهرية؟]

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[08 Dec 2003, 08:33 م]ـ

السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته

أما بعد، مشايخي الكرام

يقول تعالى ((حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر))

روى البخاري و مسلم في صحيحيهما أن عدي بن حاتم ـ رضي الله تعالى عنه ـ حين سمع هذه الآية أخذ عقالا أبيضا و آخر أسودا ... الحديث

هل يستدل بهذه الحادثة على اعتبار المذهب الظاهري؟

حيث إن الصحابي ـ رضي الله تعالى عنه ـ قد أخذ بظاهر اللفظ دون الانتباه إلى المراد منه الذي يفهمه جل العرب.

و لا يدخل على ذلك بأن يقال: إن ذلك ليس تمسكا بالظاهر بل هو مما يفهم من الحديث، أي أنه من قبيل المشترك اللفظي وأن الصحابي ـ رضي الله تعالى عنه ـ قد حمل اللفظ على أحد معانيه المشتركة

أقول // لا يقال ذلك، فهو مردود عليه بأنه لا يفهمه العرب قطعا من هذا اللفظ، حتى أن بعض المفسرين أنكر وقوع ذلك من الصحابي، فقد استبعد الفخر الرازي هذه الرواية على رجل مثل عدي بن حاتم، فقال ما معناه: إنه يبعد على أي رجل أن يفهم من هذا اللفظ أن المراد الخيط الأبيض حقيقة مع قوله: من الفجر خصوصا و قد كان هذا التعبير مألوفا عند العرب. و كان ذلك عندهم اسما لسواد الليل و بياض النهار في الجاهلية قبل الإسلام.

و أقول ذلك مع علمكم بحادثة قوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ (لا يصلين أحدكم العصر إلا ببني قريظة) فقد تمسك بعضهم بالحكمة و المقصود من الأمر، و تمسك البعض الآخر بالظاهر الجامد للنص، و لم ينقل إلينا إنكاره ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل أقر كل منهم على فهمه ـ أو فعله ـ و سواء كان الإقرار على الفهم أو الفعل، فهو إقرار لهم بجواز ما ذهبوا إليه، و أنه أجزأهم بدليل عدم الأمر بالإعادة، و صحة الفرع مبناها صحة الأصل المفرّع عليه

و السلام عليكم

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[08 Dec 2003, 11:54 م]ـ

أخي الفاضل محمد يوسف بارك الله فيه ..

أحب أشارك في موضوعك بهذه النقاط:

أولاً: لا يصح إنكار ما حدث من عدي بن حاتم رضي الله عنه ـ ولو نقل ذلك عن بعض العلماء ـ بعد العلم بثبوته في الصحيح بناء على استبعاد هذا الفهم عن رجل مثله، وأهل الأصول يقولون أصدق دليل على الجواز هو الوقوع، فإذا ثبت وقوعه دل على جوازه على مثل عدي رضي الله عنه من العرب.

ثانياً: أنه لا يسلم أحد من الخطأ، وفهم النص القرآني على الوجه المراد قد يصيب فيه المفسر وقد يخطئ، وهذا وارد عن الصحابة رضي الله عنهم في تفسير القرآن، ولا ينقص ذلك من قدرهم رضي الله عنهم وأعلا منزلتهم، ولا يخفاك تأول قدامة رضي الله عنه حِل الخمر لمن هو مثله لقوله تعالى: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ... ) الآية. فقال له عمر رضي الله عنه: (إنك أخطأت التأويل). وهنا أخطأ عدي رضي الله عنه وصوّب له النبي صلى الله عليه وسلم بطريقته النبوية الشريفة في التعليم حيث تبسم في وجهه وأبان له المعنى الصحيح.

ثالثاً: هناك فرق أخي الكريم بين الأخذ بظواهر النصوص وبين مذهب الظاهرية، فالأخذ بظواهر النصوص هو الأصل ـ على تفسير ظاهر اللفظ أنه المتبادر منه ـ ولذلك رد الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله على من قال: " أن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر " وقال: " فهذا أيضاً من أشنع الباطل وأعظمه ... والتحقيق الذي لا شك فيه، وهو الذي كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعامة علماء المسلمين أنه لا يجوز العدول عن ظاهر كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال من الأحوال بوجه من الوجوه، حتى يقوم دليل صحيح شرعي صارف عن الظاهر إلى المحتمل المرجوح ". (أضواء البيان: 7/ 438).

هذا من حيث الأصل دون تحرير للمثال المذكور هل فهم عدي رضي الله عنه هو الظاهر من الآية أم لا فليتنبه.

وأما مذهب الظاهرية فقد اشتهروا بالأخذ بظواهر النصوص ولكن الخطأ ليس هو من هذه الجهة فحسب وإنما هو لعدم اعتبار أدلة أخرى كالقياس مثلاً، ولذا خالفوا الجمهور في مسائل كثيرة بناء على الخلاف في الأصول بينهم وبين الجمهور.

وأما اعتبار خلاف الظاهرية في المسائل أو عدم اعتباره فقد ذكر بعضهم هذه المسألة وبين الخلاف في اعتبار مذهب الظاهرية في المسائل الفقهيهة.

رابعاً: ألف الإمام ابن حزم كتابه الإحكام، وبين فيه مذهب الظاهرية في الأصول وأدلتهم، ولا يمكن الحكم على أصولهم هكذا برد تعلقهم بآية أو سنة، فهو مذهب له وعليه كبقية المذاهب، والأفضل ـ والعلم عند الله ـ هو طرح بعض المسائل والأصول التي ذهبوا إليها ومناقشتها علمياً، أما الاستدلال للمذهب ككل أو رده فغير ممكن، وهو نظير الاستدلال لأحد المذاهب الأربعة جملة.

ولذا فمن المستحسن تحرير قول الظاهرية ومن ثم بيان أدلتهم والجواب عليها حتى يعلم وجه الحق في المسألة دون رد إجمالي أو قبول إجمالي .. وإلا فلو أجاب أحدهم بأن الحديث دليل للظاهرية فالسؤال: دليل لهم على أي مسألة.

خامساً: ما ذكر من قصة بني قريظة دليل على جواز الاجتهاد، ولكلا النظرين وجه فمن أخذ بالمقصود وهو السرعة صلى العصر في الطريق، ومن أخذ بظاهر الأمر صلى العصر في بين قريظة، وحبذا ألا يسمى الظاهر الجامد، لأنه فهم له وجهه ولم يُعلم خطؤه إلا بعد معرفة قول النبي صلى الله عليه وسلم للطائفتين.

سادساً: ارجو التكرم بإعادة النظر في ما ذكرتموه بارك الله فيكم من قاعدة (صحة الفرع مبناها صحة الأصل المفرّع عليه) ..

واسأل الله لكم التوفيق والسداد ..

والله أعلم ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير