[سورة الحمد وسورة العلق]
ـ[أبو علي]ــــــــ[19 Feb 2004, 07:39 ص]ـ
إذا كان من الحكمة أن يبتدأ الله الوحي بقوله: إقرأ باسم ربك ....... ) فإن من الحكمة تكون سورة الحمد هي فاتحة الكتاب.
فالحمد هو الثناء المطلق، والحمد حمدان: حمد امتنان، وحمد استحسان.
أما حمد الامتنان فهو الشكر والعرفان.
وأما حمد الاستحسان فهو المدح، والمدح لا يكون إلا لشيء محمود، أما الشيء المذموم فلا يستحق الحمد، فالحق محمود والباطل مذموم.
ولا يحمد الحق إلا لأنه صواب ولا يذم الباطل إلا لأنه خطأ. ولذلك يأتي ذكر الحمد بعد كل قضاء لله: وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين).
إذن ففي ابتداء كتاب الله بسورة الحمد امتنان وتنزيه، وإشعار بأنه كتاب منزه عن الخطأ والنقصان، ولكي يكون كذلك فيجب أن يكون محكما. فلو لم تحكم آياته لجاز عليه النقد، والنقد ذم، إذن فالإحكام يتناسب تناسبا طرديا مع الحمد (المدح) = تنزيل من حكيم حميد) ,
أما ترتيب سورة العلق في المصحف بعد سورة التين.
فلأن سورة التين اختتمت بسؤال من الله للإنسان، هذا السؤال هو:
أليس الله بأحكم الحاكمين؟
هذا السؤال لا يجيب عنه الإنسان إذا ظل جاهلا، فلكي يجيب الإنسان ب
(بلى الله أحكم الحاكمين) عليه أن يدرك ذلك بنفسه، ولكي يدرك ذلك فعليه أن يتعلم لأنه بالعلم يدرك أن الله قد أحكم كل شيء، فجاءت بعد سورة التين: بسم الله الرحمن الرحيم إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم).
كثير من العلماء قالوا إن الفاتحة هي أم الكتاب.
أنا لست عالما من العلماء ولكن أؤيد قول هؤلاء العلماء لقرينة تثبت ذلك وهي أن الفاتحة جاءت بصيغة دعاء وباقي السور هي الإجابة.
والدعاء سؤال، ولولا السؤال لما كان الجواب، فالسؤال هو أم الجواب,
وحتى عند البشر: لو لم توجد الأم لما وجد أولاد، ونقول: الحاجة أم الاختراع، لأن حاجة الإنسان لشيء هي التي جعلته يفكر ويخترع.
ونلاحظ ذلك في قول الله: ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم)، فالفاتحة عند الله هي السبع المثاني، وباقي السور هي القرآن العظيم.
القرآن عند البشر 114 سورة أول السور هي الفاتحة.
أما عند الله فالكتاب هو: الفاتحة + 113 سورة أولها البقرة.
وبما أن سورة البقرة هي السورة الأولى من القرآن العظيم (بعد الفاتحة '' أم السور'') فإن الله يتحدى البشر أن يأتوا سورة من مثله في قوله تعالى: ..... فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) 23 البقرة.
وفي سورة هود التي هي السورة العاشرة من القرآن العظيم نجد أن الله يتحدى البشر أن يأتوا بعشر سور مثله في قوله: أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) 13 هود
ـ[أبو علي]ــــــــ[19 Feb 2004, 11:00 ص]ـ
لقد كانت الخمس آيات الأولى من سورة العلق إيذانا بأن الله سيعلم الإنسان (مطلقا) ما لم يعلم، وسيكون حظ الإنسان الضال من تعلم ذلك العلم أكبر من حظ الإنسان المهتدي، لأن التلميذ الكسول هو الذي يحظى باهتمام وشرح أكثر من طرف معلمه، ألم يقل الله: فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم)؟
وآخر قوم زلوا من بعد ما جاءتهم البينات هم قوم عيسى عليه السلام،
جاءتهم أعظم البينات فزلوا وقالوا اتخذ الله ولدا، فهؤلاء هم أولى بتعلم العلم الذي يدركوا به أن الله عزيز حكيم، فلو كان عندهم حكمة لما قالوا: المسيح ابن الله، ولو كان عندهم علم لما قالوا إن الله هو المسيح.
وها نحن بالفعل نرى النصارى هم المتفوقين علميا وآتاهم الله من كل شيء سببا، وأدركوا حكمة الله في كل المجالات، وكان عليهم أن يبحثوا عن الهدى الذي آياته توافق إدراكهم ألا وهو الإسلام الذي عنوان رسالته: تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم).
لكنهم لم يفعلوا وفرحوا بما عندهم من العلم، وسخروه لكسب المال والنفوذ ابتغاء القوة، وكان لهم ما أرادوا، ولما استغنوا بالقوة استضعفوا الشعوب الأخرى وحرموا عليها ما أباحوه لأنفسهم من أسلحة فتاكة ذات دمار شامل.
وهذا تأويل قوله تعالى: كلا إن الإنسان ليطغى)، كلمة (كلا) لا تأتي ابتداء في الكلام وإنما تأتي لتضرب عن كلام سابق، فما هو الكلام الذي أضرب عنه الله ب قوله (كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)؟
إنه كلام يأتي إلى خاطر من يقرأ الآيات الأولى من سورة العلق، حيث يظن أن الإنسان إذا آتاه الله العلم فإنه سيصلح ويحقق العدالة والمساواة ويعيش العالم في سلام ووئام و ...... .
هذه الأماني التي تخطر على البال هي التي يضرب عنها علام الغيوب بقوله: كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى .... ).