[القرآن و شعر العرب]
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[17 Nov 2003, 02:48 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد، مشايخي الكرام، فعند بداية دراستي لعلم العروض في الجامع الأزهر، ذكر لنا شيخنا و قرأت في الكتب أن من فوائد علم العروض، الردّ على المستشرقين و حجاجهم على أن القرآن ليس شعرا، و ذلك لأن الكلام الشعري له شرطان:
1 ـ أن يكون كلاما موزونا على بحر من بحور العرب
2 ـ أن يكون مقصودا
ووجه الحجاج الذي ذكره شيخي أن القرآن و إن كان موزونا إلا أنه غير مقصود.
ووجه الإشكال عندي من عدة نقاط:
أولا / كيف أحتج على الملاحدة و المستشرقين، بأن القرآن غير مقصود!! فإن كونه غير مقصود هو ما نتناظر عليه من الأصل، فإذا قمت أنا بإثبات أنه كلام الله، لكونه غير مقصود من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيكون هذا ما يسمى عند المناطقة في المناظرة (المصادرة على المطلوب) و هي ببساطة أن تجعل ما تريد إثباته حجة مسلّمة تلزم بها خصمك، على الرغم من كونها يطلب إثباتها، ومما يثبت ما أقول أن العرب اتهموا النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ بأنه ساحر أو كاهن أو يكتبه له يهود، هذا ما فعله جل العرب، و لم يقل بأنه أتى به من عنده إلا القليل،،،، أقول / العرب هم أفصح من خلق الله تعالى، و لو كان كان القرآن كالشعر ـ موزونا ـ وأن الفارق بينه و بين الشعر هو كونه غير موزون، ما كان أسهل على العرب أن تنفي هذا الفارق لتنسب الوضع إلى النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ و لكنهم لم يفعلوا، بل قالوا ساحر أو كاهن أو يكتب له يهود، و أيضا لو قلت بأن الفارق هو الوزن فما يكون الفرق إذا بين القرآن و قوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ (أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عم المطلب) فإن هذا الشعر أيضا غير مقصود رغم كونه موزون.
ثانيا / هل يثبت بالفعل أن القرآن موزون؟
و إن كان موزونا فعلى أي بحور الشعر هو؟
(الطويل) (المديد) (البسيط) (الرجز)!!
أنا حينما أقرأ القرآن ـ صحيح أنني مبتدئ في علم العروض و ليس لي فيه ملكة ـ إلا أنني لا أرى القرآن ينطبق على أي بحر من بحور العرب، هذا ما يظهر ـ و الله أعلم ـ و قد يرى غيري غير ذلك.
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[17 Nov 2003, 11:49 م]ـ
الأخ محمد يوسف وفقه الله، حقيقة لم يتبين لي مدى الإشكال الذي عندك ولكن أقول قي توضيح قول شيخك (إنه غير مقصود) - والعلم عند الله - أن السياق القرآني له نظامه الخاص به فهو لايتقيد بقافية معينة من أول آية إلى آخر آية في السورة نفسها، ولكن ربما تأتي آية في السورة تحمل نفس وزن قافية معينة في الشعر على ماذكره السيوطي في الإتقان مثل قوله تعالى: وجفان كالجواب ... وقدور راسيات الخ فأنت تجد أن هذا الاتفاق ليس مقصودا لذات الوزن بل جاء اتفاقا كما يقال، وهذا على عكس الشعر فإنه يلتزم قافية محددة من أول القصيدة إلى آخرها فتلاحظ أن الوزن مقصود لذاته في الشعر ولذلك بعض الشعراء لربما راعى الوزن فأخل بقوة المعنى حتى لا يضيع عليه اتفاق الأبيات في الوزن وهذا مجاله عند أهل البلاغة وحاشا كلام الله أن يكون كذلك بل هو الكلام الفصل الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل من حكيم حميد.
أرجو أن أكون قد أجبتك على سؤالك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Nov 2003, 07:02 م]ـ
المقصود (بأن القرآن غير مقصود) في كلامك. أي أنه غير مقصود به الوزن الشعري المصطلح عليه عند العروضيين. فالقرآن ولو وافق وزن العروض في بعض المقاطع فلا يعني ذلك أنه من الشعر الذي هو نوع من الكلام معروف. ولو تتبعت كلام الناس العادي لظهر لك كثير منه على بحور الشعر. مثل (أجب سؤالي) (مالك ومالي) (دعني وشأني) (نظف ثيابك) ... وغيرها من الكلام الدارج العادي. وقد تكلم عن هذه المسألة النقاد والعروضيون على حد سواء. ولم يقل أحد منهم أن من يتفق كلامه في بعضه مع بحور الشعر شاعرٌ، وإلا فكل الناس شعراء. ولم يعتبروا ما قل عن سبعة أبيات قصيدة، ويسموا صاحبها شاعراً ما لم يكن له قصائد عديدة، ولذلك استبعد من كتب تاريخ الشعر أولئك الذين لم يحفظ لهم إلا الأبيات المفردة يقولها الرجل في حاجته. وقد ذكر محمد بن سلام الجمحي أن العرب في أوليتها لم يكن لها إلا الأبيات المفردة، وأن أول من قصد القصائد
¥