[ملكة الاستشهاد واستحضار الآيات (وقفة وحكاية)]
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[20 Jan 2004, 09:35 م]ـ
[ملكة الاستشهاد واستحضار الآيات (وقفة وحكاية)]
يعد الاستحضار والانتزاع من القرآن في موضوع ما؛ ملكة قلّ من يتقنها حتى من حفاظ القرآن، وقد رأينا بعض المشايخ تميز بهذه الصفة، ومنهم سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله وغيره وهم قليل، ولو أردت أن أضرب مثالا يكون كالاختبار لأحدنا وقلت:
- اذكر الآيات الواردة في الأمر بتوحيد العبادة.
- اذكر الآيات الواردة في الجبال – مثلا -.
فلينظر كل واحد منا قدر الآيات التي استحضرها دون مراجعة أو بحث أو طول وقت، بل تأتيه بديهة قريبة المأخذ، بحيث يستطيع إيرادها لو كان يرتجل خطبة أو كلمة في ذلك الموضوع، ثم يقوّم نفسه في هذا الأمر.
ومن الأمور التي تفيد في تحصيل هذه الملكة:
1. إتقان حفظ القرآن، فالحفاظ اليوم كثير، ولكن أين منهم المتقنون؟
ويعجبني في هذا ماأخرجه الخطيب في (الجامع) عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال:"الحفظ الإتقان ".
2التدريب العلمي، وذلك بمراجعة الآيات في كل موضوع يطرقه أحدنا في درس أو كلمة أو خطبة، ويستودع ذلك مخزن صدره وسويداء قلبه.
وأنصح في هذا الباب ابتداء بكتاب (رياض الصالحين) فإنه جمع أصول أبواب العلم والدين ومهمها، وطريقته أنه يصدر كل باب ببعض الآيات فيه، فيعتني بذلك طالب العلم ويمرن نفسه بمراجعته كثيرا، ثم ينتقل إلى معاجم الموضوعات القرآنية.
3. التدريب العملي، وذلك بالممارسة والتطبيق فيما يلقيه من درس أو كلمة أو خطبة أو غيرها، ويحرص على حشد الآيات وإيرادها أثناء تناوله للموضوع الذي يتحدث عنه، ومراجعة ذلك وتسديده مرة بعد أخرى.
ومن عجيب ماوقفت عليه في هذا الباب ماحكاه الماوردي قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم يقول: سمعت أبي يقول سألت الحسين بن الفضل فقلت: إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن فهل تجد في كتاب الله: (خير الأمور أوساطها) قال: نعم، في أربعة مواضع قوله تعالى: (لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك) وقوله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) وقوله تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط) وقوله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا).
قلت: فهل تجد في في كتاب الله: (من جهل شيئا عاداه)؟ قال: نعم في موضعين، (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه) (وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم).
قلت: فهل تجد في كتاب الله (احذر شر من أحسنت إليه) قال: نعم، (وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله).
قلت: فهل تجد في كتاب الله (ليس الخبر كالعيان) قال: في قوله تعالى (قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي).
قلت: فهل تجد في كتاب الله (في الحركات البركات) قال: في قوله تعالى: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة).
قلت: فهل تجد في كتاب الله (كما تدين تدان) قال: في قوله تعالى (من يعمل سوءا يجز به).
قلت: فهل تجد فيه قولهم (حين تقلي ندري) قال: (وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا).
قلت: فهل تجد فيه (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) قال: (هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل).
قلت: فهل تجد فيه (من أعان ظالما سلط عليه) قال: (كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير).
قلت: فهل تجد فيه قولهم (لا تلد الحية إلا حية) قال: قوله تعالى (ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا).
قلت: فهل تجد فيه (للحيطان آذان) قال: (وفيكم سماعون لهم).
قلت: فهل تجد فيه (الجاهل مرزوق والعالم محروم) قال: (من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا).
قلت: فهل تجد فيه (الحلال لا يأتيك إلا قوتا والحرام لا يأتيك إلا جزافا) قال: (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم).
هذه خاطرة عجلى حول هذا الموضوع، وهو يحتمل المزيد.
والله أعلم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Jan 2004, 04:15 ص]ـ
¥