[إعلان الخبر في المقصود بالمضحي المتوجه إليه خطاب النهي عن أخذ الشعر والبشر ..]
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[21 Jan 2004, 01:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد بحثت ليلتي هذه مسألةَ الإمساك عن الشَّعَرِ والبشر والأظافر لأهل بيت المضحي، وكتبت فيها ورقات أحببت أن يكون ملتقى أحبائنا من طلبة العلم في التفسير من أول من يراها، وسامحوني لكونها بعيدة عن موضوع الملتقى
وقد سميتها: إعلان الخبر
في المقصود بالمضحي المتوجه إليه خطاب النهي عن أخذ الشعر والبشر.
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في حكم أخذ شيء من الشعر والبشر والأظافر لمن أراد أن يضحي على ثلاثة أقوال:
القول الأول: التحريم.
وبه قال سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود وبعض أصحاب الشافعي ورواية لمالك واختيار ابن القيم، وسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله والشيخ العثيمين، والألباني.
واستدل أصحاب هذا القول بالأدلة التالية:
1 - مارواه مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة رضي الله عنها: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أهل هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره).
والأمر يقتضي الوجوب ولا صارف له عن الوجوب. وفي رواية: (فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي). والنهي يقتضي التحريم ولا صارف له عن تحريم الأخذ.
القول الثاني:الكراهة.
وبه قال الشافعي وأصحابه ورواية في مذهب مالك.
واستدلوا على صرف ظاهر الحديث عن التحريم إلىالكراهية يحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين: (لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث هديه إلى الكعبة فما يحرم عليه مما حل للرجل من أهله حتى يرجع الناس).
القول الثالث: الجواز.
الجواز وبه قال أبو حنيفة ورواية في مذهب مالك.
واستدلوا بالقياس على عدم تحريم اللباس والوطء عليه. وأجابوا عن الحديث بأنه موقوف.
والراجح والعلم عند الله تعالى هو القول الأول لظاهر الحديث.
وقد أجاب جماعة من العلماء كالبهوتي، وابن قدامة عن استدلال الشافعية ومن وافقهم بحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين: (لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث هديه إلى الكعبة فما يحرم عليه مما حل للرجل من أهله حتى يرجع الناس) بثلاثة أجوبة:
الجواب الأول: أن حديث عائشة رضي الله عنها في إرسال الهدي لا في الأضحية.
الجواب الثاني: حديث عائشة عام وحديث أم سلمة خاص، فيجب تقديمه.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: (حديثهم عام وهذا خاص يجب تقديمه، وتنزيل العام على ما عدا ما تناوله الحديث الخاص. ولأنه يجب حمل حديثهم على غير محل النزاع لوجوه منها:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل ما نهي عنه، و إن كان مكروها؛ قال الله تعالى إخباراً عن شعيب: (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه).
- ولأن أقل أحوال النهي أن يكون مكروها، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليفعله، فيتعين حمل ما فعله في حديث عائشة على غيره.
- ولأن عائشة تعلم ظاهراً ما يباشرها به من المباشرة، أوما يفعله دائماً كاللباس والطيب، فأما ما يفعله نادراً كقص الشعر، وقلم الأظفار مما لا يفعله في الأيام إلا مرة فالظاهر أنها لم ترده بخبرها بخبرها وإن احتمل إرادتها إياه فهو احتمال بعيد وما كان هكذا فاحتمال تخصيصه قريب فيكفي فيه أدنى دليل وخبرنا دليل فكان أولى بالتخصيص.
قال ابن القيم رحمه الله: (وأما حديث عائشة فهو إنما يدل على أن من بعث بهديه وأقام في أهله فإنه يقيم حلالاً ولا يكون محرماً بإرسال الهدي رداً على من قال من السلف يكون بذلك محرماً).
الجواب الثالث: عند الترجيح يقدم حديث أم سلمة لأنه من قوله صلى الله عليه وسلم، وحديث عائشة من فعله وقوله مقدم على فعله لاحتمال الخصوصية.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: خبر أم سلمة صريح في النهي فلا يجوز تعطيله أيضاً فأم سلمة تخبر عن قوله وشرعه لأمته فيجب امتثاله، وعائشة تخبر عن نفي مستند إلى رؤيتها وهي إنما رأت أنه لا يصير بذلك محرماً يحرم عليه ما يحرم على المحرم ولم تخبر عن قوله إنه لا يحرم على أحدكم بذلك شيء وهذا لا يعارض صريح لفظه).
وأما الجواب عن أدلة القول الثالث:
فأما استدلالهم بالقياس ففاسد الاعتبار لكونه مقابل النص.
¥