تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد يكون الغرض من وراء اسمه (الغفور) الإشارة إلى غلبة المغفرة على العذاب، وذلك كما في آية آل عمران (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:129)

فالسياق في شأن غزوة أحد والمقام يعود بنا إلى ما أَلَمَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم- في هذه الغزوة من شج وجهه، وكسر رباعيته، حتى قال: [كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم]

وهكذا تتعدد الأغراض لكن الغالب عليها بعد معرفة الخبر هو: رفع الحرج عما اقترف من هنات أو أخطاء وذلك نحو قوله تعالي:

1 - (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:226)

2 - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (المائدة:101)

3 - (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:91)

وهكذا فالعفو والصفح ورفع الحرج هو المقصود الأعلى من اسمه – غفور- في هذه السياقات، ولذلك تقدم في الآية ما يشير إلى ذلك من نحو [عفا الله – ما على المحسنين من سبيل] ... ونحو ذلك.

وقد يكون المقصود من ذكر هذا الاسم الكريم ترغيب المسلمين في المغفرة وحثهم علي التزود منها من خلال طريقها الصحيح حيث جاء مثل ذلك في قوله تعالى:

1 - (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31)

2 - (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة:74)

3 - (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور:22)

4 - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الحديد:28)

وقد تقدم على اسمه- الغفور- أيضاً ما يشعر بالغرض منه، أي الترغيب وذلك نحو [اتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم– أفلا يتوبون– ألا تحبون أن يغفر الله لكم .... ]

فالمقصود من الخبر (والله غفور) أعني المقصود من اسمه –الغفور- كما يشير السياق ترغيب المؤمنين في الإسراع فيما يطلب منهم، وكأن التذييل بجملة (والله غفور) توكيد لما حوته الآيات، وتعليل له؛حتى يسرعوا بالامتثال والاستجابة.

وقد تكون جملة (والله غفور) تذييل لعتاب من غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كما في آية التحريم في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التحريم:1)

وهنا يخرج اسمه (غفور) إلى معنى التودد والعتاب الرقيق لمن مال إلى خلاف الأولى [لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن حرم العسل أو حرم- مارية- بمعنى التحريم الشرعي إنما كان قد قرر حرمان نفسه منه فجاء هذا العتاب ليوحي بأن ما جعله الله حلالاً لا يجوز حرمان النفس منه عمداً وقصداً وإرضاءً لأحد، والتعقيب بـ: (والله غفور رحيم) يوحي بأن هذا الحرمان من شأنه أن يستوجب المؤاخذة، وأن تتداركه مغفرة الله ورحمته، وهو إيحاء لطيف] مشعرٌ بالإشفاق على هذا الذي يُحَمِّل نفسه الكثير، وهو الذي اصطُفى ليكون نبياً رسولاً، ولذلك امتلأت السورة بكلمات التودد واللطف من مثل (النبي) (الله مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) وكأنها تظاهرة للدفاع عنه، والتخفيف عنه –صلي الله عليه وسلم - ومن هنا يبرز قوله (

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير