تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بل ذكر لي احد الاخوه الدارسين للطب في بلاد العجم أنه كان يوما من الايام يقرا القرآن وشخص بوذي أعجمي يستمع له قال: فرأيته يصغي لي ثم لم يتمالك د موعه حتى انهارت على خديه. قال: فالتفت اليه سائلا عن ماجلب له البكا قال: من هذا الكلام الذي اسمع قال: فزدته وحبرته له تحبيرا حتى لم يتمالك الرجل نفسه.فسألته عن دينه ومعتقده وشرحت له الاسلام وبينت له أنه الدين الحق وأن هذا الكلام كلام الله خالق الارض والسماء الذي خلقه فأحسن خلقه وبدأخلق الانسان من طين ... قال: فوالله ماقمنامن مجلسنا الا وقد نطق بالشهادتين بفضل الله وكلامه الذي هو شفاء لمافي الصدور. وهذا إنما هو وجه من وجوه اعجازه فكلام الله لاكسائر الكلام.اللهم اجعلنا ممن تعلم القرآن وعلمه بحقه فقاده الى رضوانك وجنات النعيم , ولا تجعلنا ممن تعلمه أوعلمه رياءا وسمعة فزج في قفاه الى نار الجحيم.

فهذا المقرئ الذي ذكره الاخ الكريم، ممن شهد بحسن صوته القاصي والداني فلا الله الا الله كم من عبرة سكبت عند سماع صوته بالقرآن، ولك أن تتخيل لو كان من أئمة الحرم المكي او المدني.

ولقد أثرت اخي الكريم بهذا لموضوع جرحا دفينا، اجاهد على أن اتناساه وأبتعد عن كل مايذكر به، ذلك يوم أن كناصغارا نحمل الكتب الى الكتاب , ونحن نسمع صوت هذا المقرئ يملأ الافق في مذياع الاذاعة المدرسيه قبل أن يبدأ اليوم الدراسي، يعلو مرة ويخفت اخرى لشدة السحب النازلة على الارض، سقى الله تلك الايام أيام محمد رفعت وعبد الباسط والمنشاوي ... لقد عرفتهم كلهم ولم ابلغ الحلم، وكان سماع صوتهم كل يوم يخالط أنغام السحاب التي تلتصق بالارض في موسم الشتاء فتحجب الرؤية أحيانا. فكنا ندخل الفصل والروح طيبة بهذه التلاوة التي ابتدأنابها يوما دراسيا. فمابال الناس قد استبدلوا هذه العادة الحميده أمن عوزالمكبرات للأصوات ... ؟

إنها حبة واحدة من سلسلة من الذكريات إذا ما أثير واحدا منها تتابعت كلها (إنه الحنين الى الاوطان) الذي تغنت به الشعراء وطاب لاجله حديث كثير من الادباء، بل أشار اليه في كتابه رب الارض والسماء *حتى غدا بابا من التصنيف أولع به كثير ممن الكتاب كالجاحظ والمرزباني وغيرهما *

واشهد ماسعت في هذا بمثل قول ابن الرومي ذاكرا السبب الذي لاجله تعلق قلب كل مخلوق بوطنه

وحبب أوطان الرجال اليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالك

إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم ... عهوداجرت فيها فحنوا لذلك

يقول الصفدي ـرحمه الله ـ في شرح رسالة ابن زيدون. وقد كان السر في حب الاوطان غائبا عن ذهن كثير من الناس حتى انشد قول ابن الرومي

على كل حال رحم الله عبدالباسط وغفر له وليس بالمعصوم بل حاله حالنا، كم نقترف ليل نهار والله يغفر ويستر.منا منه وكرم،ولو تتبعنا زلل علمائنا لمابقي لنا الا القلة القليله، فهذا أبوحنيفة والنووىوابن حزم وابن عقيل وابن الجوزي وابن حجر والسيوطي الى ابن عاشور وسيد قطب ـ رحمهم الله جميعا ـ مامنهم إلا وقد اخذ عليه فيما ما مثله لا يعذر عليه، من شطط في باب الاسماء والصفات أو الإيمان، وهم مع ذلك من جلة علماء الاسلام ونبلائه نحبهم ونجلهم وننهل من علمهم , ولاينقص من قدر أحدهم أن استدرك على ماوقع فيه من زلل، ومن شغب ببعض ذلك فغفر الله له وهداه للحق والصواب

وختاما

فالعبرة هي بماحصله المرء من كتاب الله وما وظفه في حياته من أوامره ونواهيه، ورحم الله الحسن البصري الذي يقول: لقد انزل الله القرآن للعمل به فاتخذ الناس تلاوته عملا. فلم يعد يعرفه كثير من الناس الا في افتتاحية المناسبات أ والحفلات المبتدعة التي ما انزل الله بها من سلطان، والتي عن مثلها يجب أن يصان كلام الواحد الديان

إلا أن في استماعه من مذياع أو قأري إمر مشروع وهو من القديم المرفوع فالتالي والمستمع في الاجرسواء

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

*في مثل هذه العبارة تجاوزإعتذر عن مثله ابن عطية رحمه الله في مقدمة تفسيره.

*وإن يسر الله ـ أن شاء الله ـ فللحديث بقية حول هذا الموضوع (الحنين الى الاوطان) في ظلال آيةمن القرآن.

ـ[الراية]ــــــــ[19 Jan 2004, 06:36 م]ـ

أخي الكريم/ ابن الشجري ...

لا اعرف ما اكتب لك .. غير أني اعتذر إن كنت أعدت لك ماضياً جميلاً نغصه عليك ما تعيشه في هذا الزمن!

فلله المشتكى ...

ولقد تلذذت بما كتبته في تعليقك فشكر الله يداً كتبت فأبدعت ...

وما ذكرتَ من انه لا حرج من تلذذ السامعين بصوت القارئ صحيح .. ويشهد له ما جاء في السنن واصله في الصحيحين من قصة النبي صلى الله عليه وسلم لما استمع للصحابي الجليل أبي موسى الأشعري وهو يقرأ القرآن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد أوتي مزماراً من مزامير آل داود ..

-وفي بعض الروايات أن بعضاً من أمهات المؤمنين كن يستمعن له -

فقال أبو موسى لو علمت انك تستمع لحبرته لك تحبيرا ... !!

فطوبى لمن أنعم الله عليه بصوت حسن فرتل من آيات القرآن الكريم عله أن يسمع ما يحب يوم الحشر!

اكرر شكر الجزيل لكم

أخوكم المحب/الراية

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير