تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

اللهُ عنه- أن يظُنَ أنَّ هذه القراءة خطأٌ مِن أصلِها؛ بل غايته أنَّ هذا لَحْنٌ خَفي، مِن الصَعب أن يَقَع فيه رَجُلٌ فَصيحٌ يَنتمي لأفصَحِ القبائِل العربية "قُرَيش"!! فأصل القِراءة التي يقرأ بِها (عمر) –رَضيَ اللهُ عنه- هي نفسَها قراءة (هِشام) –رَضيَ اللهُ عنه-[بُناءً على هذا القول الضَعيف]، فلماذا يقول (عُمَرُ) –رَضيَ اللهُ عنه- إذَن: "سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ (الفُرْقَانِ) عَلَى غَيْرِ ما أَقْرَؤُهَا" إن لم يكُن يقصِد تغيير اللفظة، وتأمَل قولُه: "وَكِدْتُ أنْ أعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أمْهَلْتُه حَتَى انْصَرَفَ ثُمَّ لَبَّبْتُه بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) " الحديث، تَعرِفْ أنَّ الأمرَ أكبرَ مِن مُجرَد تغيير كيفية النُطق التي لُقِنَها (عُمَرُ) –رَضِي اللهُ عنه- من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، واللهُ أعْلَم.

القول الخامِس: ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد؛ إنما المراد التيسير والتسهيل والتوسِعَة؛ فقد جَرُوا على تكثير الآحاد بالسَبْعَة، والعشرات بالسَبعين، والمئات بالسُبْعمائة، وسِر التَّسبيع لا يَخفَى. وهو قول القاضي (عِياض) –رحمه الله- ومَن تبعه.

وهو خطأٌ؛ (لعدم ظهور مَعناه، ولأنَّه مَردودٌ بالأحاديث الصحيحة السابقة، كحَديث (أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) –رَضيَ اللهُ عنه-، وفيه: " [استزِدْه] حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ"، وحديث (أبي بَكرَة) –رَضيَ اللهُ عنه- وفي آخره: "فنظَرْتُ إلى ميكائيل فَسَكَتْ، فعَلِمتُ أنه قد انتَهَت العِدَة"، وهذا أقوى دليل على إرادة الانحصار، أضِف إلى ذلك أنَّ في جَمْع القِلَة "أحْرُف وليس حُروف" نوع إشارة إلى عَدَم الكَثرة كما لا يَخفَى) (33).

القول السادِس: خواتيم الآيات؛ فيجْعَل مكان (غَفور رَحيم) (سَميع بَصير). "وهذا فاسِدٌ للإجماع على مَنْع تغيير القُرآن للناس" –كما قال (المازري) –رحمه الله، كما في «شرح النووي –رحمه الله- على صحيح مسلم».

عمومًا نحن نؤمِن –إجمالا- بأنَّ القرآن أنزِل على سبعة أوجه، اختلف العلماء في المراد بها على أقوال عِدة، الراجِح منها ما ذكرناه، "ولم يثبت مِن وَجهٍ صَحيح تَعيين كل حرف من هذه الأحرف، ولم يكلفنا الله ذلك، غير أن هذه القراءة الآن غير خارجة عن الأحرف السبعة" –كما يقول الإمام (الزركشي) –رَحِمَه الله- في كِتابِه «البُرهان».


ثانيًا: هل الأحرف السَّبعة هي القِراءات السَّبع؟!
(1) اتفق العُلماء جَميعًا أنَّ الأحرُفَ السبعة التي ذَكَر النَّبيُ (صلى الله عليه وسلم) أنَّ القُرآن أنزِل عَليها ليسَت هي القراءات السبع المَشهورة.
أمَّا ما انتشرَ لدى العامَّة وأيضًا بعض الخاصَّة مِن أنَّ الأحرف السَّبعَة هي نفسها القِراءات السَّبع فهو خَطأ فادِحٌ، حتى قال الإمامُ (أبو شامة) –رَحِمَه الله-: "وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل"!!! كما في «فَتح الباري»: (19/ 37).
قال الإمام (مَكي بن أبي طالب) –رَحِمَه الله-: "وأمَّا مَن ظَنَّ أنَّ قِراءة هؤلاء القُراء كنافِع وعاصِم هي الأحرُف السَّبعة التي في الحَديث؛ فقد غلط غلطًا عظيمًا. ورَدَّ ذَلِك بتعليلٍ ما ألطفَه؛ بأنَّ هذا مفهومَه أنَّ ما عداها ليس قرآنًا!! فقال ما نَصُّه: "ويَلزَم مِن هذا أنَّ ما خَرج عَن قِراءة هؤلاء السَّبعة مِمَّا ثَبَت عَن الأئمة غَيرِهم ووافق خَطَّ المُصحَف، أن لا يكون قُرآنًا، وهذا غَلَطٌ عَظيم؛ فإنَّ الذين صَنَّفوا القِراءات مِن الأئمة المُتقدمين: كأبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي حاتم السجستاني، وأبي جعفر الطبري، وإسماعيل بن إسحاق، والقاضي، قد ذكروا أضعاف هؤلاء [السًّبعَة] " اهـ نَقلا عَن «فَتح الباري»: (19/ 37)، والزيادة بين المَعكوفَتين مِن عِندي لتوضيح المَعنَى.
وتوضيحًا لقول الإمام (مَكي) –رَحِمَه الله- الذي قد يُشكِل على بَعض القُراء، أقول: لقد أنزِل القُرآنُ على سَبعة أحرُف، إن كانَت هي نفسها القِراءات السَّبع، فباقي القِراءات –إذَن- ليس لها نَصيبٌ مِن الأحرف السَّبعة التي هي كل القُرآن، فهي –على هذا القَول- ليست قُراءنًا، فتأمَل!
قال شَيخُ الإسلام (ابن تيميَّة) –رَحِمَه الله تعالى-:
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير