تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Feb 2004, 12:08 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الأديب الأريب ابن الشجري أسعده الله بطاعته آمين ومعذرة للتأخر لأشغال أخذت بأكظامي أخذاً شديداً، لم استطع معها الجلوس للكتابة كما ينبغي، فمعذرة في البدء.

لقد غلب علينا البحث في التخصص في الملتقى وفي غيره حتى جفت القرائح أو كادت، ولقد جاء علينا زمن كنا نجري فيه عنان القلم فما يتوقف ولا يتلعثم، واليوم حسبك من الكتابة أن توصل الفكرة التي تريد، ثم لا تزيد. وإني وأمثالي من رواد هذا الملتقى العلمي لفي أشد الشوق إلى مثل هذه القطع الأدبية البديعة، التي هي الشعر وإن لم توزن بميزان الخليل!

فهي تلامس في نفوسنا حاجة لا تجدها في كتب التخصص وأنى لك بها؟ وقديماً كان العلماء يحمضون في مجالسهم ودروسهم وكتبهم، واليوم لو فعلت ذلك لعدك الناس من العاطفيين، وربما كان هذا مطعناً يفضي إلى رد بحثك، والإزراء عليه. فجزاك الله خيراً على كتابتك وفوائدك، ودونك هذا الملتقى المفتوح أمتعنا بما فتح الله به عليك، فإننا من المحبين لأدبك وأمثالك، وإن بني عمك فيهم رماح! فلا تبخل علينا جاد الله عليك.

وأما ما ذكرته عن العلامة أحمد بن فارس فهو خليق بكل ثناء، وكتبه –كما أشرتَ - أكبر شاهد على فضله، وهو من القلائل الذين تفوقوا في القدرة على التصنيف البديع، مع نقاء وخلق ظاهر في عباراتهم، وتحرٍ للصحيح من اللغة، حتى عول أكثر المتأخرين على كتابه المقاييس فقل أن يخلو بحث من البحوث الجامعية من ذكره في مراجعه ومصادره. ولا أعلم من طبعاته إلا ما ذكرته أنت في كلامك وفقك الله. وأنت تعلم أنه لم يعثر حتى الآن إلا على نسخة خطية فريدة، أخرجه بناء عليها عبدالسلام هاورن رحمه الله. وأتفق معك فيما ذكرته من أن إدمان النظر في مقاييسه يعين على اكتساب الملكة اللغوية التي ذكرتها، وكأني بك قد بلغت ذلك إن شاء الله.

وأما سؤالكم عن كتابه جامع التأويل في التفسير، فلم يعثر عليه حتى الآن حسب علمي، وقد بحثت عن هذا الكتاب في أغلب فهارس المخطوطات التي وقعت عليها يدي في كل مكان ولم أرجع بطائل، وسألت عنه، وأوصيت من يبحث عنه، ولا زال البحث جارياً، فإن التراث الإسلامي لم يزل أكثره مخطوطاً، ولم يبق إلا أن أصنع كما صنع أحد العلماء، عندما أقام من ينادي في منى في موسم الحج عمن وجد كتاباً من كتب الجاحظ فله كذا وكذا، من ولعه بكتب الجاحظ، ومعرفته بقيمتها. ولعل الله ييسره فهو الكريم سبحانه.

وقد ذكره ابن فارس في كتاب «المُجملِ» عند مادة «عقب» 2/ 620. وذكره ياقوتُ في «معجم الأدباء» باسم:جامع التأويل في تفسير القرآن، وسَمَّاهُ البغداديُّ في «هدية العارفين» باسم: جامع التأويل في تفسير التنزيل. ومن الكتب التي ذكرته «التدوين في أخبار قزوين» للرافعي2/ 215، وقد نقل عنه الرافعيُّ نَقْلاً مِمَّا يدلُّ على أَنَّهُ كانَ قد تداولَهُ الناسُ، فقال في ترجَمةِ الغضبان تلميذِ ابنِ فارسٍ 2/ 248: «وردَ قزوينَ وسُمِعَ منه «جامعُ التأويلِ» لأحْمد بنِ فارسٍ بها في الجامع، سنة ثَمانِ عشرةَ وأربعمائة، بسمَاعهِ مِن أحْمدَ بن فارس ... وفي «جامع التأويل»: ثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم القطان، ثنا أبو يعقوب إسحاق بن أحْمد بن مهران الرازي، ثنا إسحاق بن سليمان، ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيعِ بنِ أَنَسٍ في قوله تعالى: (يومَ نحشرُ المتقين إلى الرَّحْمَنِ وَفْدَاً) [مريم:85] يُعْطَونَ، ويُحَيَّون، ويُكرمُونَ، ويُشَفَّعُون، وفيهم سَلمانُ رضي الله عنه». وهذا الكتاب من أَهمِّ كتبِ ابن فارسٍ في معرفةِ منهجهِ في التفسيرِ، ولكنَّهُ للأسفِ مِن تُراثِ ابنِ فارسٍ المفقودِ يَسَّرَ اللهُ العثورَ عليه.

وأما آثارُ ابن فارس وكتبه التي سألت عنها حفظك الله، فقد حاولَ المُحققونَ الذين عُنُوا بتحقيقِ كتبِ ابنِ فارسٍ رحِمه الله أَن يَتَتبعُوا آثارَهُ ومؤلفاتهِ وإحصائَهَا، فأَحصى لَه المُحققُ عبدُالسلامِ هارون رحِمه الله خَمسةً وأربعين كِتاباً، تحدث عنها في مقدمة تحقيقه لكتاب ابن فارس «معجم مقاييس اللغة». وأحصى له الدكتورُ هادي حسن حَمُّودي في كتابه عن ابنِ فارسٍ، الذي نالَ به شهادةَ الدكتوراه مِن السُّوربونَ سبعةً وخَمسينَ كِتاباً ورسالَةً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير