هل يمكن أن نناقش "إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ "
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[26 Mar 2006, 07:04 ص]ـ
السلام عليكم
واضح لي أنّ المفسر بن عاشور لا يعتبر أنّ قوله تعالى (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (27) /الأعراف قد سيق لبيان خاصية من خواص الشيطان وقبيله من حيث تمكنهم من رؤيتنا
قال رحمه الله
((وجملة: {إنه يراكم هو وقبيله} واقعة موقع التّعليل للنّهي عن الافتتان بفتنة الشّيطان، والتّحذير من كيده، لأنّ شأن الحَذِرِ أن يَرصد الشّيء المخوف بنظره ليحترس منه إذا رأى بَوادره، فأخبر الله النّاس بأنّ الشّياطين تَرى البشر، وأنّ البشر لا يرونها، إظهاراً للتّفاوت بين جانب كيدهم وجانب حذر النّاس منهم، فإنّ جانب كيدهم قويّ متمكّن وجانب حذر النّاس منهم ضعيف، لأنّهم يأتون المكيد من حيث لا يدري.
فليس المقصود من قوله: {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} تعليم حقيقة من حقائق الأجسام الخفيّة عن الحواس وهي المسمّاة بالمجرّدات في اصطلاح الحكماء ويسمّيها علماؤنا الأرواح السفليّة إذ ليس من أغراض القرآن التّصدّي لتعليم مثل هذا إلاّ ما له أثر في التّزكية النّفسية والموعظة.
والضّمير الذي اتّصلت به (إنّ) عائد إلى الشّيطان وعُطف: {وقبيله} على الضّمير المستتر في قوله: {يراكم} ولذلك فصل بالضّمير المنفصل. وذُكر القبيل، وهو بمعنى القبيلة، للدّلالة على أنّ له أنصاراً ينصرونه على حين غفلة من النّاس، وفي هذا المعنى تقريب حال عداوةِ الشّياطين بما يعهده العرب من شدّة أخذِ العدوّ عدوّه على غرّة من المأخوذ، تقول العرب: أتَاهم العَدوّ وهم غَارّون.
وتأكيد الخبر بحرف التّوكيد لتنزيل المخاطبين في إعراضهم عن الحذر من الشّيطان وفتنته منزلة من يتردّدون في أنّ الشيطان يراهم وفي أنّهم لا يرونه.))
وواضح من قوله أنّه فهم تعبير" يراكم هو وقبيله" على أنّه كناية عن شدة كيدهم وتمكّنهم من الإيقاع في بني آدم
وها هو قوله مرة أخرى
(فليس المقصود من قوله: {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} تعليم حقيقة من حقائق الأجسام الخفيّة عن الحواس)
فالآية عنده لا تعني أنّهم يروننا حقيقة
ترى
هل فهمت توجيهه للآية فهما صحيحا؟؟
وإن كنت كذلك--فهل رأيه مرجوح؟؟
بالإنتظار
ـ[البحر الرائق]ــــــــ[26 Mar 2006, 11:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل /جمالالسلام عليكم ورحمة الله و بركاته، وجزاك الله خير الجزاء ,أما بالنسبة لقول الله تعالى (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) وتفسير الطاهر بن عاشور لها فمن المعلوم أن اللفظ يطلق ويراد به المعنى الحقيقى الظاهر إلا إذا وردت قرينة تصرفه عن هذا المعنى الحقيقى إلى المعنى المجازى أو غير ذلك , و القرينة قد تكون لفظية أو سياقية أو حالية , وهو ما نفتقده هنا , و ليت الامام ابن عاشور قد دلل على صحة قوله بأن المراد ليس الرؤية بل هو كناية عن العداوة وقوة الكيد , ونحن نتساءل ما الذى يمنع أن تكون الرؤية هنا حقيقية؟ وإلى أن يظهر لنا أجابة على هذا السؤال يجب علينا أن نحمل اللفظ على معناه اللغوى الحقيقى. ثم لنا أن نتساءل هل ورد فى نصوص من نصوص الشرع (قرآن وسنة) ما يفيد بعدم رؤية الجن و الشياطين للإنسان؟ مع العلم بأن النبى صلى الله عليه وسلم قال لعمر لوسلكت فجا وسلك الشيطان فجا لسلك الشيطان فجا غير فجك يا عمر، أو كما قال صلى الله عليه وسلم , وهذا الحديث يقتضى الرؤية وإلا فكيف يوسوس الشيطان للإنس و هو لا يراه؟
و أمام هذه التساؤلات و عدم ورود إجابة عليها من الطاهر بن عاشور فلا مندوحة أمامنا من أن نحمل اللفظ على المعنى الحقيقى المراد , خاصة مع كون الطاهر بن عاشور قد أورد هذا التفسير على أنه اجتهاد شخصى منه فلم يدلل على صحته بقرآن و لا سنة ولا بقول من أقوال السلف ولم ينسبه لأحد من العلماء , وهذا لايقلل من شأنه , فهو مجتهد فى ذلك , وله اجر الاجتهاد.
أضف غلى ذلك التدقيق اللغوى للأية فالآية وردت مؤكدة ب (إن) , و الضمير المنفصل هو فلم يقل انه يراكم وقبيله ولكن قال انه يراكم هو و قبيله , و ورد الفعل يرى بصورة المضارع الدال على التجدد و الاستمرار, و انظر حفظك الله إلى تتمة الآية (إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم) من حيث لا ترونهم , وعدم رؤية الانس للجن ظاهرة معروفة , و هنا نتساءل لماذا نؤول الرؤية الاولى على انها كناية ثم نحمل الرؤية الثانية على المعنى اللغوى الحقيقى؟ وما القرينة التى تحملنا على ذلك؟
هذا و ما كان من صواب فمن الله وحده و ما كان من خطأ او سهو أو نسيان أو ذلل فمنى و من الشيطان و الله و رسوله منه براء.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين
ـــــــــــــــــــــــــ
أحمد محمود على أحمد
ليسانس لغة عربية