[دلائل الآثار على مسائل أصول التفسير (1)]
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Jun 2006, 06:10 م]ـ
إن البحث في النصوص على مسائل العلوم من أنفس ما يمكن أن لطالب العلم طلبه، فدلالة الأثر على المسألة أصل من أصول العلم الشرعي الذي لا محيد عنه.
وهذه الدلالة قد تكون صريحة، وقد تكون تلميحًا، وفي كلا الحالين تكون الفائدة المستنبطة غاية في النفاسة؛ لأنها تدلُّ بوضوح على أصول مسائل هذا العلم (أصول التفسير)، وسأذكر بعض الآثار التي يُستنبطُ منها مسائل في أصول التفسير، وأبتدئ بما روى البخاري بسنده، قال: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ((لَمَّا نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟! قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}؟)).
وقال البخاري: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ((لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ})).
وقال البخاري: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ ح و حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ((لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ كَمَا تَظُنُّونَ، إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ})).
في هذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: (لا إشكال في الفهم الأولي الوارد على النفس)
إن المعاني الواردة على العقل لا تثريب عليها، لأنه ليس من قدرة المرء ردُّ مثل هذه الفهوم عن نفسه، فإذا ظهر له معنى ما لجملة من القرآن، فإن فهمه قد يكون صحيحًا، وقد يكون خطأً.
الفائدة الثانية: (المرجع الْمُصحِّح لما يرد على النفس من المعاني هم أهل العلم)
إن من وردت عليه بعض المعاني، فإنه يرجع إلى أهل العلم ليدلوه على صحة ما فهمه من خطئه، ولا يكون كبعض الناس الذين ينشرون آراءهم للناس على أنها صواب، فيتقلدون من غريب الأقوال ما تضحك له العقول.
وهذا يعني أن المرحلة الأولى، وهي ورود المعاني على العقل لا يعاب على المرء، وإنما يعاب عليه نشر ما يرد عليه من المعني والاستنباطات، وتَبَنِّيه له دون الرجوع إلى أهل العلم للتثبت من هذه الواردات عليه، فالرجوع لهم يميز الصحيح من الضعيف.
الفائدة الثالثة: (الرسول صلى الله عليه وسلم مرجع الصحابة)
أن الصحابة كانوا يرجعون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أشكل عليهم شيء من القرآن، ولم يكونوا يتقلَّدون معاني ما يشكل عليهم دون الرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الفائدة الرابعة: (المفسر الأول)
¥