[تأملات في مفهوم الحد القرآني، و في اية سورة الاعراف:سيدنا آدم بعد المعصية ..]
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[10 Jun 2006, 08:30 ص]ـ
من كتاب " الفردوس المستعار و الفردوس المستعاد"
للدكتور أحمد خيري العمري [email protected]
... هناك رقم فظيع آخر، تجنبت أن أذكره حتى الآن.
ربما فحواه ليست فظيعة مثل زنا المحارم، الجنس مع الأطفال، أو ممارسة الجنس مع الجثث، لا شيء أفظع من هذه الأمور ..
لكن هذا الرقم الأخير فضيع بنسبته العالية.
فظيع في إنتشاره.
***************
حسب إستطلاعات الـ ABC، فإن 57% من الأمريكيين، قاموا بممارسة الجنس في الاماكن العامة ( sex outdoors)..
( هناك إستطلاع آخر يشير الى أن 61% منهم قاموا بذلك).
57 - أو 61% .. قاموا بفعل ذلك، في أماكن عامة ..
لماذا يا ترى؟. لماذا هذه النسبة الهائلة- التي تشمل أكثر من نصف الأمريكيين والأمريكيات؟.
هل إضطروا الى ذلك؟. هل لم يجدوا المكان الملائم لفعلتهم تلك؟. هل ضاقت عليهم شققهم؟ ا ماذا عن الفنادق؟. والموتيلات المنعزلة؟. هل صعب الأمر عليهم. وغلبت عليهم شهواتهم لدرجة أنهم إضطروا لذلك، وفعلوها في الحدائق العامة، أو دور السينما أو في القطار أو في مرآب السيارات، لا، في الحقيقة لم تكن المشكلة مشكلة "مكان"، لو كانوا يريدون أن يفعلوا ذلك، بينما هناك إحتمالية أن يتلصص عليهم أحد، كانوا يقولون، حسب الإستطلاع نفسه، أن اللذة تزيد مع تلك الإحتمالية. واللذة كما تعلمون هي ما يهم، وهي الهدف من الحياة، وأي شيء يزيد هذه اللذة (أو يزيد إحتمالية زيادتها) هو شيء مرغوب به يفعله الناس (حتى وأن كان القانون (المتخلف) يعاقب عليه ..
.. جنس في الأماكن العامة إذن.
و 57% ..
وليس من أجل الإضطرار أو عدم توفر المكان ..
بل من أجل أنه جنس في الماكن العامة، من أجل أن يشاهد أحد هذا الفعل ..
**************
هل قلت أنه فظيع؟. أقول الآن أنه حزين جداً. نعم، هو حزين ..
الحزن هو ما أشعر به بعد أن مررت بالرعب والقرف والتقزز ..
الآن الحزن- الحزن على هذا الإنسان الذي يصر على الإنحدار لمستوى البهائم وأكثر، حزن على هذا الإنسان الذي وصل لمستوى تأنف منه حتى الحيوانات.
حزن شفاف ومخلص، على ما إنحدرت إليه الإنسانية، في نموذجها الذي يدعي أنه الأرقى والأكثر تقدماً ..
57%؟.
بعد الصدمة، والقرف، والتقزز ..
لا أجد سوى حزن عميق في داخلي. إنهم بشر بعد كل شيء. الإنسان وهذا الإنحدار الذي وصلوا إليه شيء بأن يمكن أن يسقط لهذا الحد ..
(وهو أمر محزن جداً، عندما نتذكر تلك القمة التي كان فيها الإنسان إبتداءً) ..
نعم، لقد إنحدر من تلك القمة، الى أسفل سافلين ..
.. وهو أمر محزن للإنسان بالمطلق .. بغض النظر عن الإنتماء الحضاري – أو العرقي- أو الديني ..
*********************
.. والمخيف- بالإضافة الى كونه محزناً- هو أن تلك الأرقام .. هي بصدد التصدير ..
سيكون محزناً أكثر أن نتذكر أن أمريكا، كانت بلداً محافظاً قبل مائة سنة فقط.
محزن ومخيف ..
******************
تذكرني هذه النسبة. وذلك الجنس الوقح في الأماكن العامة، بشيء آخر، لم أفكر فيه من قبل ..
إنه الحد على الزنا في الشريعة القرآنية، الذي يستوجب أن يكون هناك أربعة شهود على (الفعلة) - من اجل أن يطبق الحد.
(عدا حالات الإعتراف .. ).
أربع شهود. لا ينقصون واحداً. أربع شهود، شاهدوا الفعلة بحذافيرها، لا مقدماتها، ولا مقارباتها، ولا أي شيء أدنى من ذلك ..
الفعلة بتفاصيلها، وأربع شهود شاهدوا التفاصيل. ولا واحد منهم شاهد أقل من ذلك.
كل منهم يجب أن يكون قد شاهد الحد الفاصل من الأمر، الذي يفرق الجماع من غيره ..
عملياً وفي حالات الزنا الإعتيادية، الأمر شبه مستحيل ..
من الصعب جداً على أربع شهود أن يكونوا قد شاهدوا فعلاً تفاصيل الأمر، (إلا إذا كانوا شهود زور!).
حتى لو إقتحم شهود خلوة إثنان يزنيان، فإن رد الفعل المتوقع والإنسحاب التلقائي الذي سيحدث عند الاقتحام، سيخرب تفاصيل الشهادة، وينزع على الفور من الأربعة صفتهم كشهود ..
عملياً، الأمر شبه مستحيل.
أو هكذا كنا نظن.
*****************
فقهياً، صنف "الشهود الأربعة" و"التفاصيل التي يجب أن يكونوا شاهدوها" على انه عقبة من أجل عدم تطبيق الحد، وتسهل التوبة،. والرأفة بالعصاة، وإعطاؤهم فرصة أخرى.
كل ذلك ممكن، ومنطقي.
لكن ..
¥