تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مشكلة المصطلحات في الدراسات القرآنية .. التفسير الموضوعي وإخوانه أنموذجًا

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Jun 2006, 10:52 م]ـ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، وعلى تابعيهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فلقد كنت أظنُّ أن تحرير المصطلحات من فضول العلم، لكني لما رأيت ما يقع من التخبُّطِ أحيانًا، ومن الاختلاف، أو من الجناية على الحقائق العلمية أحيانًا أخرى، رأيت أن أكتب في هذه الفكرة تذكرة لي ولإخواني،وإني لأسأل الله أن يوفقني ويلهمني الصواب، إنه سميع مجيب.

أقول: لقد برز في عصرنا الحاضر تسميات (مصطلحات) لبعض المسائل العلمية، أو بعض الأساليب الكتابية، واتخذها بعض الباحثين على أنها مسلّمات، وذهبوا يصححون ويضعفون بناءً على بعضها، ويصوبون ويخطئون بناء على بعضها الآخر، ويبنون مسائل علمية على تقسيمات فنية شكلية = ولما كان الأمر كذلك رأيت أن أبدأ الموضوع منذ بدايته، وهو تعريف المصطلحات قبل الإضافات، ثم التعريج على الإضافات بعد ذلك.

وإنَّ مِمَّا ظهر في عصرنا هذا المصطلحاتُ الآتية: (التفسير التحليلي، والتفسير الإجمالي، والتفسير المقارن، والتفسير الموضوعي)، فما حقيقة هذه المصطلحات، وهل لها أثر علمي، أو هي تدخل في التقسيم الفني؟

وهل هي في أسلوب الكتابة، أو هي تجديد في معاني القرآن الكريم؟

وهل يختلف معنى الآية عند المفسر التحليلي عنه عند المفسر المقارن، وكذا عند المفسر الإجمالي عنه عند المفسر الموضوعي؟

كل هذه الأسئلة تحتاج إلى أن يتأمل الباحث، هل نحن بحاجة إلى مثل هذه التقسيمات؟ وهل لها أثر فعلي؟، وهذا التأمل أرجو أن يصل إلى الصواب.

أولاً: تعريف التفسير:

التفسير في اللغة يدور على معنى الكشف والبيان، ومنه قولهم: كشف عن ذراعه؛ إذا أبانها وأظهرها بعد استتارها.

والتفسير في الاصطلاح له تعريفات متعددة، وأقربها في رأيي: (بيان معاني القرآن)، فالمراد من التفسير بيان المعاني فحسب، وما كان وراء بيان المعاني في كتب التفسير فإنه إما أن يكون من علوم القرآن سوى التفسير، وإما أن يكون من الاستنباطات والفوائد، وإما أن يكون من علوم شتى من العلوم الإسلامية وغيرها، وكوني أقول بأن هذه المعلومات التي هي خارجة عن حدِّ البيان ليست من صلب التفسير، لا يعني أنها غير مفيدة، أو غير مُرَادة للمفسر عند كتابته لتفسيره، لكن المراد هنا بيان حدِّ المصطلح فحسب.

والأمثلة الموضحة لذلك كثيرة جدًّا، ولأضرب لك هذه الأمثلة:

1 ـ قال الشوكاني (ت: 1250): ((قوله: {قَدْ سَمِعَ الله} قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي بإدغام الدال في السين، وقرأ الباقون بالإظهار. قال الكسائي: من بيَّن الدال عند السين، فلسانه أعجميّ وليس بعربيّ)).

وقال: (({وَمَا هُوَ} أي: محمد {عَلَى الغيب} يعني: خبر السماء وما اطلع عليه مما كان غائباً علمه من أهل مكة {بِضَنِينٍ} بمتهم أي: هو ثقة فيما يؤدّي عن الله سبحانه. وقيل: {بضنين} ببخيل أي: لا يبخل بالوحي، ولا يقصر في التبليغ، وسبب هذا الاختلاف اختلاف القراء، فقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي: «بظنين» بالظاء المشالة أي: بمتهم، والظنة التهمة، واختار هذه القراءة أبو عبيد قال: لأنهم لم يُبَخِّلوا ولكن كذبوه. وقرأ الباقون {بضنين} بالضاد أي: ببخيل، من ضننت بالشيء أضنّ ضناً: إذا بخلت. قال مجاهد أي: لا يضن عليكم بما يعلم بل يعلم الخلق كلام الله وأحكامه. وقيل: المراد جبريل إنه ليس على الغيب بضنين، والأوّل أولى)).

إنك ـ في هذين المثالين ـ أمام معلومتين من علم واحد، وهو علم القراءات، لكن تأمَّل الآتي:

لو لم تكن تعلم أن في قوله تعالى: (قد سمع) الإظهار والإدغام، أيكون المعنى مشكلاً عندك؟

لا شك أن الجواب: لا، فالمعنى بالإظهار والإدغام سواءٌ.

لكن في المثال الثاني لا يمكن أن تقول بنفي التهمة أونفي البخل إلا بمعرفة معنى القراءة، فاختلاف القراءة في هذا الموطن له أثر في اختلاف المعنى، وهي ترجع إلى علم المفردات، فجهل معنى ظنين أو ضنين يُفقدك التفسير المتعلق بها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير