تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التساؤل الابراهيمي ..]

ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[18 Jun 2006, 05:22 ص]ـ

.. طرح الخطاب القرآني تساؤله الأول بصيغة شديدة الخصوبة. وشديدة الإيحاء. وبالتالي التأثير ..

لقد اعتمد الخطاب القرآني على نموذج تاريخي عريق ليدخل من خلاله التساؤل إلى عقيدة أولئك الذين أخذوه بقوة من شباب مكة في الجيل الأول ..

وكان هذا النموذج الذي يمثله القرآن لتحرير العنصر الأول من عناصر التفكير الإسلامي هو نبي الله ابراهيم الخليل عليه السلام ..

هناك 3: هوامش ينبغي تسجيلها على اختيار ابراهيم دون غيره ..

الهامش الأول. ان العرب تنسب نفسها جميعا إلى ابراهيم عبر ابنه إسماعيل، الذي شارك أباه في بناء الكعبة – محج العرب عبر التاريخ - والنسب عند العرب بالغ الاهمية حتى انهم كانوا يعدون من لا نسب له ليس عربيا .. ، لذلك اعتمد الخطاب القرآني جدَهم الاكبر لتوصيل مفهوم العقيدة الجديدة – القديمة – (العقيدة الحنيفية الأصيلة).

الهامش الثاني. ان ابراهيم بالذات يحتل نفس المكانة المميزة عند اهل الكتاب سواء كانوا نصارى أو يهود .. والذين كان لهم وجود وتأثير في الجزيرة باشكال متعددة ومختلفة. سواء عبر وجودهم وإمكانياتهم المادية – التجارية المختلفة، - مثل اليهود – أو عبر وجود كيانات ودول كبرى تدين بالنصرانية وتجاور الجزيرة (الروم – الحبشة). فاختيار ابراهيم كان يمنح صلة وصل عميقة الجذور لا بالنسب العربي فحسب، بل بالعلاقات بين الأمم، وبالذات بأمم أهل الكتاب التي كانت تعتبر نفسها – عن حق – ارقى من بقية الشعوب الامية – والتي كان العرب من ضمنها ..

الهامش الثالث: ان الصورة التي يطرح من خلالها ابراهيم هي صورة أصيلة، ولا وجود لها في التوراة أو في الكتابات الإنجيلية. وذلك بالتأكيد يزيدها رسوخا وعمقا ضمن نسيج الخطاب القرآني المتميز عن التوراة والانجيل. فبينما تبدأ القصة التوراتية وابراهيم يغادر ارض بابل، يعود بنا الخطاب القرآني إلى صبا ابراهيم وبواكير وعيه ليعرفنا على جذور القصة الغير محكية في التوراة ..

وقبل ان نسترسل علينا ان نؤكد ان هذه القصة لا تأخذ اهميتها الحقيقية الا عبر فهم المكانة المميزة التي احتلها ابراهيم في الخطاب القرآني فهو الذي قال فيه الخطاب المنزل (ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين) النحل 120 (ولقد آتينا ابراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين) الأنبياء 150 (قد كانت لكم أسوة حسنة في ابراهيم والذين معه) الممتحنة 4 (واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس إماما .. ) البقرة 124 (ومن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه حنيفا وما كان من المشركين) آل عمران 95 ..

من هذه الحقيقة المميزة للوضع الابراهيمي في السياق القرآني يمكن ان نفهم كيف بنى الخطاب القرآني عنصر التفكير الأول عليه ..

* * *

كيف صار ابراهيم – أبو الأنبياء وأبو العرب وصاحب الملة الحنفية – نبياً؟.

ما هي التربة التي رأى الله عز وجل انها صارت خصبة معدة لاستقبال حكمة النبوة ومسؤولية الرسالة؟.

ما هي العوامل النفسية – السلوكية التي جعلته مهيئاً ليكون الأب الروحي للأديان السماوية الثلاثة؟.

يجيبنا الخطاب القرآني عن هذه التساؤلات بطريقة موجزة وموحية .. كالعادة.

(واذ قال ابراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة أنى أريك وقومك في ضلال مبين. وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين. فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربى فلما أفل قال لا احب الآفلين. فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربى فلما افل قال لئن لم يهدني ربى لأكونن من القوم الضالين. فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر فلما افلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما انا من المشركين) الإنعام (74 - 79).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير