[التفسير الموضوعي لسورة الاسراء]
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[18 May 2006, 11:35 م]ـ
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله
سمعت الشيخ محمد الغزالي رحمه الله يقول:" ما دامت اليهود جاثمة على أرض فلسطين، فإن المسلمين لم يحسنوا بعد قراءة سورة الاسراء "
الآية الأولى من هذه السورة تضمنت قصة الإسراء، ثم عاد التاريخ القهقري ليذكر بنى إسرائيل وما عرض لهم أثناء إقامتهم الأولى في فلسطين.
لقد أوتوا التوراة دينا ودولة، والمرتقب منهم ومن أمثالهم إذا أقاموا حكومة دينية أن تكون صورة للنظام لا للفوضى، وللعدالة لا للجور، لكن بني إسرائيل الذين عانوا كثيراً تحت وطأة الاستبداد الفرعوني لم يلبثوا طويلاً حتى جدّدوا سيرة الفراعنة الأولين، فعاثوا في الأرض فسادا، ولم يكن بدٌّ من تأديبهم. ويشرح القرآن الكريم أن العجز الإداري والخلقي في سلطة بلد ما ينتهي بزوال هذه السلطة، وقدوم آخرين من الخارج ليتولّوا هم الحكم، ويعاقبوا العابثين، قال تعالى: "وَقَضَيْنَآ إِلَى? بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ?لْكِتَابِ " يعني سجلات العلم الأبدي " لَتُفْسِدُنَّ فِي ?لأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ?لدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً " [4 - 5]
إن الدولة التي تختلّ أمورها تُحْتَلّ أرضها، وتفقد استقلالها وحريتها ... إن الفساد والاستعلاء لا يتصوران في حكم يقوم على الوحي وينتسب إلى السماء، ولذلك فإن عقوبة أهله تكون شديدة، استعمار أجنبي يقوم على الإذلال والاضطهاد، حتى إذا استقام المعوج وعاد إلى أدبه واصطلح مع ربه عادت إليه مكانته وكرامته "ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ?لْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً " [6]. وليس ما يقع مكافأة أنهت المأساة. إنه اختبار جديد، وعلى الشعوب أن تعى وترعوى "إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ... " [7]] [/ color. ويظهر أن اليهود أدمنوا المرض، واستمرأوا العلل، فلا تكاد أحوالهم تستقيم عصراً حتى يحنّوا إلى عبثهم ومظالمهم، ويتجدد العقاب، وتتجدد التوبة " وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً " [8]. يقول التاريخ: إن الإفسادة الأولى أعقبها تدمير الآشوريين لدولة اليهود وهدمهم لهيكل سليمان. ثم قامت الدولة ثانية، وعادت إلى الإفساد فهاجمها الرومان وتكررت العقوبة، وبقى اليهود دهراً طويلاً بلا دولة!!.ثم شاء الله أن يقلد المسلمون اليهود، وأن يفسدوا دولة الوحي بأهوائهم! وكانت عقوبة القدر هذه المرة أن يقيم بنو إسرائيل دولة على أنقاض العرب الذي تخلَّوْا عن القرآن، واخلدوا إلى الأرض. والصراع القائم اليوم غريب، لأنه بين المسلمين تخلَّوا عن مواريث السماء، واستهوتهم نزعات جنسية!! وبين يهود يرفعون راية التوراة، ويعظمون يوم السبت. ونعود إلى سورة الإسراء لنلحظ فيها أمراً تفردت به، وهو أن كلمة "القرآن" تكررت نحو إحدى عشرة مرة.
(1) "إِنَّ هَـ?ذَا ?لْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ ?لْمُؤْمِنِينَ ?لَّذِينَ يَعْمَلُونَ ?لصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً " [9].
(2) " وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـ?ذَا ?لْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً " [41]
(3) " وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ?لْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى? أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً " [46]
يقول جل شأنه قبل ذلك:
(4) "وَإِذَا قَرَأْتَ ?لْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ?لَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِ?لآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً " [45]
(5) " وَمَا جَعَلْنَا ?لرُّؤيَا ?لَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَ?لشَّجَرَةَ ?لْمَلْعُونَةَ فِي ?لقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً " [60]
(6) و (7) " وَقُرْآنَ ?لْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ?لْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً " [78]
(8) " وَنُنَزِّلُ مِنَ ?لْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ?لظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً " [82]
¥