"سَحَابٌ مَرْكُومٌ"
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[18 Jun 2006, 08:33 م]ـ
استشكل علي في تفسير الآية:
{وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)}
قال ابن جرير:"القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)}
يقول تعالى ذكره: وإن ير هؤلاء المشركون قطعا من السماء ساقطا، والكِسْف: جمع كِسفة، مثل التمر جمع تمرة، والسِّدر جمع سِدْرة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (كِسَفًا) يقول: قِطعا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا) يقول: وإن يروا قطعا (مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ) يقول جلّ ثناؤه: يقولوا لذلك الكِسْف من السماء الساقط: هذا سحاب مركوم، يعني بقوله مركوم: بعضه على بعض.
وإنما عنى بذلك جلّ ثناؤه المشركين من قريش الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات، فقالوا له: (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعًا) ... إلى قوله (عَلَيْنَا كِسَفًا) فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإن ير هؤلاء المشركون ما سألوا من الآيات، فعاينوا كِسَفا من السماء ساقطا، لم ينتقلوا عما هم عليه من التكذيب، ولقالوا. إنما هذا سحاب بعضه فوق بعض، لأن الله قد حتم عليهم أنهم لا يؤمنون.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة يقولوا (سَحَابٌ مَرْكُومٌ) يقول: لا يصدّقوا بحديث، ولا يؤمنوا بآية.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ) قال: حين سألوا الكِسْف قالوا: أسقط علينا كِسْفا من السماء إن كنت من الصادقين; قال: يقول: لو أنا فعلنا لقالوا: سحاب مركوم"
الذي استشكل علي كيف يقولوا سحاب مركوم بعدما يروا العذاب؟ راجعت العديد من التفاسير وجدت الاتفاق على ان الكسف متعلقة بالعذاب.
اذ هم قالوا:"أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا "
فتذكرت هذه الآية:"فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ "
فهل مركوم تدل على شدة السواد؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[18 Jun 2006, 10:52 م]ـ
أصل الرَّكْم - لغة -: جمع شيء فوق آخرمن جنسه أو من جنس آخر؛ حتى يصير رُكاما، ولا يعني ذلك أن التراكم يفضي إلى السواد بالضرورة بل قصارى ما يحدثه أن يحجب ما وراءه عن الرؤية مهما كان لون الأشياء المتراكمة، فالعبرة بلون الأشياء المتراكمة فما كان من السواد فيصيربالتراكم أشد سوادا، وما كان من الصفرة فيصير بالتراكم شديد الصفرة وهكذا. وما نراه بالمشاهدة أن السحاب المركوم هو مظنة الإمطار، فهكذا يبلغ عناد الكفار وثقتهم بالأمان أن الكِسْفَ - في رؤيتهم القاصرة - ما هو إلا تهديد ثم يبلغ بهم الأمل أن يفسروا الكسف بالسحاب المتراكم الآتي بخير، ويغفلون عن أن التهديد قد يكون عقوبة على وجه اليقين، فتصرفهم الغفلة عن إدراك الحقيقة إلى حياة الهزل أينما ساروا حتى يأخذهم العذاب بغتة وهم لاعبون، وعندئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، كالذي ألمَّ بفرعون فقيل له لما أعلن إيمانه وقد حاق به الموت: آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، هذا ما بدا من تتبع أقوال المفسرين، وبالله التوفيق.