[آية وحديث (4) - هل أسلم شيطان الرسول (صلى الله عليه وسلم)؟]
ـ[سيف الدين]ــــــــ[09 Apr 2006, 06:25 م]ـ
جاء في صحيح مسلم:
(7059) ــ حدّثني هَـ?رُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ. حَدَّثَهُ أَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عَائِشَةَ،، زَوْجَ النَّبِيِّ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلاً. قَالَتْ فَغِرْتُ عَلَيْهِ. فَجَاءَ فَرَأَى? مَا أَصْنَعُ. فَقَالَ: «مَا لَكِ؟ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟» فَقُلْتُ: وَمَا لِي لاَ يَغَارُ مِثْلِي عَلَى? مِثْلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ: «أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَوَ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَمَعَكَ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ «نَعَمْ. وَل?كِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى? أَسْلَمَ». (صحيح مسلم)
(7057) ــ حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ إِسْحَـ?قُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِسْحَـ?قُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ». قَالُوا: وَإِيَّاكَ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ «وَإِيَّايَ. إِلاَّ أَنَّ اللّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ. فَلاَ يَأْمُرُنِي إِلاَّ بِخَيْرٍ». (مسلم)
وجاء في سنن الترمذي:
وقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِي مُجالِدِ بنِ سَعِيدٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ. وسَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ خَشْرَمٍ، يَقُولُ: قالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبيِّ «وَلكِنَّ الله أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلمُ»: يَعْني أَسلَمُ أنَا مِنْهُ.
قالَ سُفْيَانُ والشيطان لاَ يُسْلِمُ. (الترمذي)
كما نرى, لم يذهب المسلمون في هذا الحديث الذي يروي اسلام شيطان الرسول مذهبا واحدا, فسفيان بن عيينة يذهب الى ان الشيطان لا يسلم ... وبغضّ النظر عن صحة ما روي عن سفيان فان الحجة لا تكمن في الرواية عن سفيان, بل ما تضمنه رأيه من حجّة ... جاء في اصلاح غلط المحدثين: "عامة الرواة يقولون الراوي على مذهب الفعل الماضي يريدون أن الشيطان قد أسلم إلا سفيان بن عيينة فإنه يقول الراوي وإنما المعنى أسلم من شره وكان يقول الشيطان لا يسلم" (اصلاح غلط المحدثين ص135)
وليست القضية هنا هو الانتصار لرأي سفيان, وانما هو الانتصار لبشرية الرسول صلى الله عليه وسلم ... ان اصحاب العقول البسيطة يرون ان اضفاء صفات استثنائية على الرسول يزيد من حجة الرسالة الالهية الخاتمة, رغم ان القرآن الكريم يذهب عكس ذلك تماما ...
ان المعاندين للرسالة الالهية كانوا يدقّقون في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم أيّما تدقيق, غير انهم لم يكونوا يرون فيه الا الانسان البشري العادي: {وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق لولا انزل اليه ملك فيكون معه نذيرا} (الفرقان 7) {وما منع الناس ان يؤمنوا اذ جاءهم الهدى الا ان قالوا أبعث الله بشرا رسولا} (الاسراء 94)
ان مفهوم بشرية الرسول ليست حكرا على المسلمين, بل هو شيء في متناول الناس جميعا ... اي ان الناس جميعا تستطيع ان تتلمّس بشريته عليه الصلاة والسلام من خلال طبيعتهم البشرية, وتستطيع ان تكوّن مفهومها عن بشريته من خلال مفهومها عن بشريتهم في الاطر المكوّنة للمخلوق البشري بما يحمل من حاجات ومشاعر وأحاسيس وقدرات ... فمفهوم البشرية لا يجوز ان يخصّص ولا بأي حال من الاحوال, ولا يجوز القول ان الرسول كان بشرا في بعض الاحوال وفي غيرها لا, او ننزع عن الرسول الحاجات والاحاسيس والمشاعر والقدرات المكوّنة للذوات البشرية ... ان القرآن حين كان يقول ان الرسول بشر كان يخاطب بذلك الناس جميعا بما فيهم الكفار ... ممّا يعني ان مفهوم البشرية الموجود في هذه الايات هو المفهوم الذي تعلمه الناس جميعا بما في ذلك المشركين ... وان الابهام في هذا المفهوم هو مدخل للطعن في الرسالة الخاتمة ... حسب السياق القرآني, ان بشرية
¥