تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

، لكنَّها تَستغرقُ عُمرَ الكاتبِ، وتستنفدُ حِبْرَ الناسخِ، إِلا أَن يتَقاسَمها النُّسَّاخُ بالخطوطِ المختلفة). أ. هـ.

وهذا التفسير الموسوعي يقع في مائة مجلد، كما نقل المنيني (ت1172هـ) في كتابه (الفتح الوهبي على تاريخ أبي نصر العتبي) 1/ 375 عن الكرماني قوله: (تفسيرُ خَلَفٍ مشهورٌ مذكورٌ، وهو مائة مُجلَّد، وبعضُ مُجلداتهِ نُقل إلى خزانة الكتب بالمسجد المنيفي – كذا في المطبوع والصواب: المنيعي – من مدرسة الصابوني بعد خرابِها، وهي الآن فيها). أ. هـ

وقال ابن الأثير يصف هذا التفسير: (وله كتابٌ صنَّفَهُ في تفسيرِ القُرآنِ من أكبرِ الكتب).

وقال ابن خلدون في تاريخه 4/ 481: (ثُمَّ هَلَك خَلَفُ سنة تسعٍ وتسعين وثلثمائة ... وكان خَلَفُ كثيرَ الغاشيةِ من الوافدين والعلماءِ، وكان مُحسناً لهم. أَلَّف تفسيراً جَمعَ له العلماءَ من أهل إِيالتهِ، وأنفق عليهم عشرين ألف دينارٍ، ووضعه في مدرسة الصابوني بنيسابور، ونَسخُهُ يستغرقُ عمرَ الكاتبِ إِلا أن يُستغرقَ في النَّسخِ).

وإذا كان تفسير الطبري المختصر في ثلاثة الآف ورقةٍ، وقد طُبِعَ الآنَ عدة طبعاتٍ، منها ما هو في ثلاثين جزءاً، ومن آخرها ما يقع في أربعة وعشرين مجلداً، فثلاثين ألف ورقةٍ ستكون في مائتين وستين مُجلَّداً تقريباً، وهوحَجمٌ - إِن صَحَّت طريقتي في الحسابِ أو قاربت – يفوقُ ما كُتِبَ فيه تفسيرُ خَلَفٍ السجستانيِّ الذي كتبَ في مائة مُجلَّدٍ، غير أن الطبري كان وحده من جهةٍ، وكان ضعف همة طلابه عن الكتابة مانعاً من جهة أخرى، وأما خلف فقد جمع لذلك لجنةً علمية من العلماء، وأشرف على الأمر بنفسه، وكان ذا مال وافرٍ أنفق منه على هذا المشروع.

وتفسير خلفٍ هذا مفقودٌ اليوم حسب علمي، ولعل هذا التفسير الذي أشرف عليه خلف السجستاني المَلِكُ العالِمُ، وأَنفق عليه بنفسهِ، وشارك فيه ولا بد لكونهِ من العلماء كما ذكر أهلُ التراجم، يكون قد استوعبَ – أوكاد -ما كتب في التفسير قبله، ومعظمها فقدت في الأزمنة المتأخرة، ولو عُثِر على هذا السِّفرِ الطويل لأضاف شيئاً كثيراً لكتب التفسير؛ لأنَّ منهجه الاستيعاب والاستقصاء فيما يظهر والله أعلم. وكان في نيتي تتبع أسماء العلماء الذين أعانوا خلفاً على تصنيف هذا التفسير، ولكن لم أتمكن من ذلك بعدُ.

* وصف الكتاب ومنهجه:

ذكر أبو نصر العتبي أَنَّ هذا التفسير:

- لم يُغادِر فيه حرفاً من أقاويل المفسرين.

- وتأويل المتأولين.

- ونُكَتِ المُذكِّرين.

- وأَتبعَ ذلك بوجوه القراءات.

- وعِللِ النَّحوِ والتصريفِ، وعلامات التذكير والتأنيث.

- ووشَّحها بِما رواهُ عن الثقات الأثبات من الحديث.

وذكر الذهبي في وصف التفسير أَنَّه:

- حَاوٍ لأقوالِ المُفسِّرينَ.

- والقُرَّاءِ.

- والنُّحاةِ.

- والمُحدِّثينَ.

فتبيَّنَ لنا مِن وَصفِهم لهذا التفسيرِ الموسوعيّ:

1 - أنه قد جَمعَ ما روي من تفسير النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم، وتفسير الصحابة والتابعين وتفسير السلف مِمَّن جاءَ بعدهم، وجَمع أَقوالَ المُفسِّرينَ قَبلَهُ، وتأويل المتأولين الذين صنفوا في التفسير قبله كالطبري وغيره.

2 - وأنه جَمعَ وجوهَ وأَقوال عُلماءِ القراءات في توجيه القراءات القرآنية، فجاء حافلاً بهذا، والوقت الذي صنف فيه هذا التفسير معاصر لزمن أبي علي الفارسي الذي يُعَدُّ من أوسعِ مَنْ صنَّف في تَوجيه القراءاتِ، ولَهُ في ذلك كتابُ الحُجَّة وغيره.

3 - وجَمع أَقوال النحويينَ وتوجيهاتِهم لآيات القرآنِ الكريم، وهذا الأمر قد حفلت به كتب التفسير المعاصرة له والتي جاءت بعده كالبسيط للواحدي، ولست أدري هل هذا التفسير كان من مصادر الواحدي في تفسيره أم لا، وهل نصَّ على النقل منه أحد من المفسرين.

4 - وجَمعَ أقوالَ أَهلِ اللغةِ في غريب القرآنِ، وتصريفِ الألفاظِ، وهذا الجانب من أولى الجوانب بالعناية في كتب التفسير، فكيف بمثل هذا الكتاب الذي بناه صاحبه على الاستقصاء والاستيعاب.

ومن الأمور التي لم يُشَر إليها في وصفه ولعله أغفلها:

1 - أوجه البلاغة في التفسير لم ينص عليها من وصف التفسير، ولعل العناية بهذا الجانب في ذلك الوقت لم تكن كبيرة عند المفسرين بخلاف من جاء بعدهم إلى زماننا هذا الذي كثرت العناية به، وصنفت في ذلك المصنفات.

2 - أحكام القرآن الفقهية، فلم يرد ذكر لأقوال الفقهاء واستيعابه لها، مما قد يشير إلى أنه كان يرى أن هذه ليست من شأن كتب التفسير كما حدث بعد ذلك في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي وغيره، وهذا يفيدنا في معرفة مدلول كلمة التفسير عند المتقدمين وأنها مقتصرة برغم سعتها على جوانب معروفة ليس منها التوسع في أحكام الفقه والبلاغة.

3 - أوجه إعجاز القرآن المختلفة التي لم تكن قد تحررت في زمنه بشكل ظاهرٍ، وقد توسع العلماء في بيان أوجه الإعجاز بعد ذلك، ولعل الدعوات المعاصرة للتصنيف الموسوعي في التفسير تضع من أولوياتها بيان أوجه إعجاز القرآن البلاغية والعلمية وغيرها، مما يدل على أن الحاجة لتفسير القرآن حاجة متجددة، وأنَّ هناك أوجهاً حديثة ظهرت الحاجة إلى تناولها في كتب التفسير.

وليت أحد الباحثين يدرس بيئة نيسابور وأثر علمائها في الدراسات القرآنية، فمؤلفاتهم في التفسير كثيرة، كما يمكن تناول جهود الملوك والسلاطين في تفسير القرآن أو الإعانة عليه، فلا أعلم مَلِكاً عالماً من ملوك الإسلام جمع له بين العلم والمال، قام بمثل مشروع خلف السجستاني رحمه الله وغفر له.

ــــ الحواشي ــــــ

(1) هي منطقةٌ قديِمةٌ بين إيران وأفغانستان الآن، وقاعدتها مدينة نصر آباد.

(2) طرح الأخ الكريم الفقير إلى ربه فكرة مماثلة لهذا في مشاركة له بعنوان: هل يعتبر هذا الاقتراح حلماً؟ ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1871)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير