تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[سعيد محمد]ــــــــ[29 Mar 2006, 09:25 م]ـ

آيات ووقفات (الحلقة العشرون)

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17).صم بكم عمي فهم لا يرجعون (18)

لا يزال الرب سبحانه وتعالى يورد الأوصاف الدونية التي يتصف بها المنافقون، والتي جعلتهم مكشوفين، مفضوحين أمام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، فشبههم الله في هذه الآية برجل استوقد ناراً لكي يبصر طريقه، ومكانه الذي هو فيه فلما أطمأن لنور ذلك القبس الناري، فإذا به يفقده فجأة ويذهب الله به، فذلك تماماً حال المنافقين الذين رأوا الآيات القرآنية، والبينات والهدى، فرأوا نور الهداية، ثم انتكسوا وكفروا فعادوا إلى ظلمات الكفر والنفاق (1). أما وصفهم بأنهم (صم بكم عمي) فكما قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يسمعون الهدى, ولا يبصرونه ولا يعقلونه. لا حول ولا قوة إلا بالله، علماً بأن حواسهم موجودة، ولكن لشدة طغيانهم وتمردهم على أوامر الله، وبغضهم لما أنزل الله على رسوله، والتآمر على الكيد للرسول وأصحابه، أفقدهم الله خواص تلك الحواس فلا تسمع الحق ولا تبصره ولا تعقله، مع وجود أدوات الحس، ولكنهم بسلوكهم المشين استحقوا أن تكتب عليهم الضلالة والعياذ بالله (فهم لا يرجعون) أي لا يتوبون ولا يعودون إلى الصواب. هذه هي نتيجة الإعراض عن الله، وعن أوامره، والكيد لدين الله أن المرء يحبط الله عمله، ويجعله لا يعد يسمع الحق أو يعقله، إذ إن مدارك الإحساس في عقله تفتقد التمحيص، والتدقيق في الآيات البينات، والهدايات الواضحات، فلا يستطيع أن يميز ما ينفعه مما يضره، ولا يستطيع أن يعرف أين طريق الحق المبين، إنها والله الحياة المريرة، وخراب السريرة من أولئك المنافقين، فقد حال الله بينهم وبين ادراكاتهم الحسية فلا يستطيعون التوبة، أو الرجوع إلى الحق، إلا أن يتوبوا توبة نصوحاً فباب التوبة مفتوح.

الوقفات

1 - خطورة النفاق وأنه طريق للهلاك.

2 - ضرب الأمثلة والتشبيه في القرآن أسلوب تربوي من الله عز وجل يقرب الفكرة للأذهان.

3 - إذا أصبح الإنسان لا يؤمن بالآيات الواضحات والمعجزات البيَّنات، ولا يستطيع أن يميز عقله ويتمعن في تلك الأمور فإن ذلك يعني أن الختم على القلوب قد بلغ مبلغه.


(1) تفسير الطبري

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير