تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين (26)

إن الله عز وجل يعلمنا في هذه الآية كيف يكون الأسلوب في تعليم الناس، بضرب الأمثلة، وتبسيط الأمور، وشرحها كي يتفهمها الناس، فالله عز وجل يرد في هذه الآية على من أنكر كيف أن الله يذكر ألأمثال في الأشياء قليلة الشأن، وليس الأمر يقتضي الإنكار بل هذا من التربية الربانية، وحسن التعليم الرباني لعباده، فما علينا إلا التسليم والقبول لذلك (فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم) المؤمنين يقرون، ويعترفون بمراد الله، ومشيئته، ويتفهمون مقاصده، وتعليمه لهم.

وفي المقابل ينكر الله عز وجل على أفعال الكفار، وأقوالهم حيث قالوا (ماذا أراد الله بهذا مثلاً) فيزدادون بذلك الإعتراض كفرا، وبعداً عن منهج الله، والمؤمنين يزدادون إيماناً وقرباً لله. فإن علم المؤمنين ما تضمنته الآيات، والأمثلة المذكورة فيها، أزدادوا إيماناً، وإن لم يعلموا مقصد الله فيها، وخفي عليهم ذلك أيقنوا بأن الله لم يضرب تلك الأمثال عبثاً، بل لحكمة أرادها سبحانه وتعالى.

فعلى العبد أن يسلم لله أموره، ويضبط سلوكياته على المنهج الذي يريده سبحانه وتعالى، وأن يخضع لأوامر الله، ويجعل في قرارة نفسه أن الله لم يضرب تلك الأمثال إلا لحكمة بالغة، ولكنه سبحانه يضل المعرضين عن منهجه، المعاندين لشرعه، وذلك بعدله سبحانه وتعالى (وما يضل به إلا الفاسقين) المعاندين لله، والذين صار الفسق صفة من صفاتهم التي يتصفون بها. قال السعدي رحمه الله: الفسق نوعان: مخرج من الدين كالمذكور في هذه الآية، وغير مخرج من الدين كالذي جاء في قوله (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا).

الوقفات

1 - الله يضرب الأمثال لتقريب المعاني في عقول البشر ليفهموا مقاصد الله.

2 - وجوب الرضوخ لأوامر الرب تبارك وتعالى.

3 - الضلال لا يكون إلا على من استحقه ممن تمرد وعصى أوامر الله، إلا أن يتوب.


آيات ووقفات (الحلقة السادسة والعشرون)
الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون (27)

عندما علمنا ربنا سبحانه وتعالى وجوب التسليم، والقبول لما يذكره من أمثال، وأنه لم يذكرها عبثاً سواء عرفنا مقاصده فيها، أم لم نعرف وذلك لحكمة يريدها سبحانه وتعالى، فلعلنا فهمنا كيف نتأدب مع الآيات، ونقر بأن ربنا سبحانه وتعالى يريد تقريب الأفكار، والمعاني من أذهاننا كي يزداد إيماننا، وبذلك تزيد أعمالنا الصالحة، ثم أوضح سبحانه وتعالى كيف يضل الفاسقين، وفي هذه الآية وصف لأولئك الفاسقين (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) أعوذ بالله، هذه زلة شنيعة، لأنفس وضيعة، وقلوب معرضة عن الحق، مقبلة على الباطل، لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً. أولئك القوم ينقضون ما عاهدوا الله عليه سواء كان ميثاقاً بينهم وبين الله سبحانه، أو بينهم وبين الناس، فهم ينقضون عهدهم مع الله بارتكاب الجرائم، والآثام وهم منهيون عن ذلك، وكذلك ينقضون مواثيقهم مع الخلق، وهكذا نعرف كيف أن نقض المواثيق صفة من صفات الفسقة، وسمة لا يتخلون عنها والعياذ بالله ثم جاءت الصفة الثانية وهي لا تقل عن الأولى وهي (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) هذه لمحة أخرى حول سمات الفسقة أنهم يقطعون صلتهم بكل ما أمر الله بوصاله، فيقطعون صلتهم بالله عز وجل، وصلتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم من إيمان به، ومحبته وتعزيره والقيام بحقوقه، وكذلك يقطعون صلتهم بوالديهم وأقاربهم، وكان حالهم إلى الخسارة والبوار (أولئك هم الخاسرون) أي في الدنيا والآخرة.

الوقفات
1 - الفسق شأنه خطير.
2 - تحريم نقض العهد، وقطع الصلة بين العباد وخالقهم، أو بينهم وبين أقاربهم.
3 - تقرير الخسران العظيم لمن خالف أمر الله.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير