ـ[أبو إسحاق]ــــــــ[02 Apr 2006, 12:22 ص]ـ
والصيغة الثالثة في السؤال هي (يسأل ويسألون) ,وقد وردت في القرآن الكريم في موضعين اثنين ,الاول في سورة الذاريات آية 12,حيث يقول الله تعالى:" يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ",واما الموضع الثاني في سورة القيامة آية6,وحيث يقول الله سبحانه وتعالى:" يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ",وكما هو بيّن ان السؤال كان عن زمن حصول يوم القيامة مستعملاً لفظة أيان ,و {أيان} اسم استفهام عن الزمان البعيد لأن أصلها: أن آن كذا، ولذلك جاء في بعض لغات العرب مضموم النون وإنما فتحوا النون في اللغة الفصحى لأنهم جعلوا الكلمة كلها ظرفاً فصارت {أيان} بمعنى (متَى).
ومن سياق الآيات السابقة واللاحقة لهذه الآيات من نفس السور نستشف مغزى سؤال هؤلاء وهو تهكمي واستهزائي لاعتقادهم استحالَة وقوعه.
ومن بلاغة القرآن في ايراد الجواب على نسق السؤال في التهكم والاستهزاء فقد جاء في جواب السؤال في آية الذاريات في جملة {يوم هم على النار يفتنون} جريًا على الأسلوب الحكيم من تلقي السائل بغير ما يتوقع ,فتُلقِّي كلامُهم بغير مرادهم لأن في الجواب ما يشفي وقع تهكمهم.
واما في آية القيامة فقد عُدل عن أن يجابوا بتعيين وقت ليوم القيامة إلى أن يهدَّدوا بأهواله، لأنهم لم يَكونوا جادِّين في سؤالهم فكان من مقتضى حالهم أن يُنذروا بما يقع من الأهوال عند حلول هذا اليوم مع تضمين تحقيق وقوعه فإن كلام القرآن إرشاد وهدْي ما يترك فُرصَة للهدي والإِرشاد إلاّ انتهزها، وهذا تهديد في ابتدائه جاء في صورة التعيين لوقت يوم القيامة إيهاماً بالجواب عن سؤالهم كأنه حملٌ لكلامهم على خلاف الاستهزاء على طريقة الأسلوب الحكيم. وفيه تعريض بالتوبيخ على أن فرطوا في التوقي من ذلك اليوم واشتغلوا بالسؤال عن وقته. وقريب منه ما روي أن رجلاً من المسلمين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم «متى الساعة؟ فقال له: مَاذا أعددت لها».فإن هذه الأحوال المذكورة في الآية مما يقع عند حلول الساعة وقيام القيامة فكان ذلك شيئاً من تعيين وقته بتعيين أشراطه.
فكان قول الله عزوجل:" فإذا برق البصر *وخسف القمر *وجمع الشمس والقمر *يقول الإنسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر*إلى ربك يومئذ المستقر * مكان الجوابَ.
وصيغة السؤال بلفظ يسأل وردت في سورة الاحزاب " يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا" (63) ,ففي هذه الآية فإن السؤال آت من الناس جميعًا, وهم اي الناس ثلاثة اصناف:
الصنف الاول: المكذبون بها وهم أكثر السائلين وسؤالهم تهكم واستدلال بإبطائها على عدم وجودها في أنظارهم السقيمة, وهؤلاء هم الذين كثر في القرآن إسناد السؤال إليهم معبَّراً عنهم بضمير الغيبة كقوله::" يسألونك عن الساعة ".والصنف الثاني: المؤمنون المصدقون بأنها واقعة لكنهم يسألون عن أحوالها وأهوالها، وهؤلاء هم الذين في قوله تعالى: " والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ".
والصنف الثالث: المؤمنون يسألون عنها محبة لمعرفة المغيبات، وهؤلاء نُهُوا عن الاشتغال بذلك كما في الحديث: " أن رجلاً سأل رسول الله: متى الساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ماذا أعددتَ لها؟ فقال الرجل: والله يا رسول الله ما أعددتُ لها كبير صلاة ولا صوم سوى أنِّي أُحب الله ورسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت مع من أحببت ".
ـ[أبو إسحاق]ــــــــ[06 Apr 2006, 11:31 م]ـ
السلام عليكم
هذه هي صيغ السؤال التي وردت في القرآن وتحمل الجواب, وهناك صيغ آخرى ولكن الجواب فيها محذوف مقدر مثل قوله تعالى:"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ",186/البقرة, يقول الزركشي: (حذفت-قل- للإشارة إلى أن العبْد في حالة الدعاء مُسْتَغْنٍ عن الواسطة، وهو دليل على أنّه أشرف المقامات، فإن الله سبحانه لم يجعل بينه وبين الداعي واسطة، وفي غير حالة الدعاء تجيء الواسطة.) ,فهذاه نكتة في غاية البلاغة ولطيفة في منتهى الدقة.
كما وان القرآن استعمل صيغ آخرى في السؤال وتحمل الجواب كما في قوله تعالى:"وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ ",116/المائدة.
او كما في قوله عز وجل:"أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـ?ذَا بِآلِهَتِنَا ي?إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـ?ذَا "الأنبياء/ 62 - 63.