تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وامتاز اسلوب القران في ذلك الى بيان حقيقة الغيب. وبيان جهل طلب أهل الالحاد. فالغيب انما هو امر يؤمن به تصديقا لمن بلغ الرسالة. ومعاينة الغيب تجعله مشاهد ,فلا يبقى غيبا بعد ذلك , فلا يكون التصديق به من باب تصديق الرسل وانما من باب المشاهد. ولكن مع هذا لا يؤمن هؤلاء في أغلب الأحوال. بل سيزعموا ان النبي ساحر او يرجعوا العلة الى عيونهم. "وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) " وهذا ما أخبر الله عنهم عند طلبهم رؤية الملائكة في الايات السابقة:

"وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) " وهو بيان ان الملائكة من عالم الغيب والايمان به انما يكون بعد تصديق الرسول بالرسالة وهي الفارق بين المؤمن والكافر. فيوم يرون الملائكة فاي طلب لهذا الايمان؟ وانما انكارهم هو كبرا من عندهم والله قادر على ان يريهم الملائكة ولكنه قضى ان يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للظالمين , ويكون هلاكهم بسبب كبرهم وعنادهم:"وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) " فالذي يعرف بنوا آدم ان الفرق بين التصديق والتكذيب لغير طلب الشهادة انما يكون على أمر يخبر به الانسان ويصدقه الناس ان لم يعرفوا عليه الكذب او جائهم ببينة تدفع عنه الكذب , ولكن اذا شاهد الناس ما أخبرهم عنه لا يكون قيمة لتصديقهم او تكذيبهم:

"فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85) "

فاي طلب للايمان بعد ان يروا العذاب؟ واي فائدة من ايمانهم بعد ان يروا الملائكة:"قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34) "

فان الآخر على طريق الأول بالتكذيب وبنفس الاسلوب تشابهت قلوبهم وخفت عقولهم.

لذا فان هذا الامر انما يتميز به المؤمن عن الكافر بالتصديق:

بسم الله الرحمن الرحيم

"الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) "

لذا فان جدالهم في الغيبيات انما هو من باب الجدل. وانما الايمان بالغيب تبعا للايمان بالله ورسله. فهل من انكر وجود الله ووحدانيته مع بساطة ووضوح الايات الدالة على ذلك والأدلة المقنعة العقلية سيؤمن بالغيبيات؟ سيقول انما سكرت ابصارنا سيقول انه سحر او غاب عنه عقله. وكذا الحال بالنسبة لدلائل النبوة فانما تكون حجة على من شاهد وتكون غيب على من لم يشاهد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير