تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تقدير ورد السؤال فالتخلص عنه سهل وذلك لأنه لا يتم اجتناب الكبائر إلا بفعل الصلوات الخمس فمن لم يفعلها لم يعد مجتنبا للكبائر لأن تركها من الكبائر فيتوقف التكفير على فعلها، ولا يخلو عن بحث وممن صرح بأن ما اجتنبت إلخ بمعنى الاستثناء نقلا عن بعضهم المحب الطبري فقد قال في أحكامه اختلف العلماء في أمر تكفير الصغائر بالعبادات هل هو مشروط باجتناب الكبائر على قولين أحدهما نعم وهو ظاهر قوله صلى الله تعالى عليه وسلم ما اجتنبت الكبائر فإن ظاهره الشرطية كما يقتضيه إذا اجتنبت الآتي في بعض الروايات فإذا اجتنبت الكبائر كانت مكفرة لها وإلا فلا وإليه ذهب الجمهور على ما ذكره ابن عطية وقال بعضهم لا يشترط والشرط في الحديث بمعنى الاستثناء والتقدير مكفرات لما بينها إلا الكبائر وهو الأظهر هذا وقد ذكر الزركشي أنهم اختلفوا في أن التكفير هل يشترط فيه التوبة أم لا فذهب إلى الاشتراط طائفة وإلى عدمه أخرى وفي البحر أن الاشتراط نص حذاق الأصوليين ولعل الخلاف مبني على الخلاف في اشتراط الاجتناب وعدمه فمن جعل اجتناب الكبائر شرطا في تكفير الصغائر لم يشترط التوبة وجعل هذه خصوصية لمجتنب الكبائر ولم يشترطه إلا من اشترطها ويدل عليه خبر أبي اليسر فإن الروايات متضافرة على أنه جاء نادما والندم توبة وإن إخباره صلى الله تعالى عليه وسلم له بأن صلاة العصر كفرت عنه ما فعل إنما وقع بعد ندمه لكن ظاهر إطلاق الحديث يقتضي أن التكفير كان بنفس الصلاة فإن التوبة بمجردها تجب ما قبلها فلو اشترطنا ها مع العبادات لم تكن العبادات مكفرة وقد ثبت أنها مكفرات فيسقط اعتبار التوبة معها انتهى ملخصا مع زيادة ولا يخفى أن هذا يحتاج إلى التزام القول بأن ندم أبي اليسر لم يكن توبة صحيحة وإلا لكان التكفير به لأنه السابق وبعض التزم القول بكونه توبة صحيحة إلا أنه توبة لم تقبل ولم تكفر الذنب وأنت تعلم أن في عدم تكفير التوبة الذنب مقالا والمنقول عن السبكي أنه قال إن قبول التوبة عن الكفر مقطوع به تفضلا وفي القطع بقبول توبة العاصي قولان لأهل السنة والمختار عند إمام الحرمين أن تكفير التوبة للذنب مظنون وادعى النووي أنه الأصح وفي شرح البرهان الصحيح عندنا القطع بالتكفيرة وقال الحليمي: لا يجب على الله تعالى قبول التوبة لكنه لما أخبر عن نفسه أنه يقبل التوبة عن عباده ولم يجز أن يخلف وعده علمنا أنه سبحانه وتعالى لا يرد التوبة الصحيحة فضلا منه تعالى ومثل هذا الخلاف، الخلاف في التكفير باجتناب الكبائر ونحوه هل هو قطعي أو ظني وفي كلام العلامة نجم الدين النسفي وصدر الشريعة وغيرهما أن العقاب على الصغائر جائز الوقوع سواء اجتنب مرتكبها الكبائر أم لا لدخولها تحت قوله تعالى يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولقوله تعالى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها والإحصاء إنما يكون للسؤال والمجازاة إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث وخالفت المعتزلة في ذلك فلم يجيزوا وقوع التعذيب إذا اجتنبت الكبائر واستدلوا بآية إن تجتنبوا إلخ ويجاب بأن المراد بالكبائر الكفر والجمع لتعدد أنواعه أو تعدد من اتصف به ومعنى الآية إن تجتنبوا الكفر نجعلكم صالحين لتكفير سيآتكم ولا يخفى ما في استدلالهم من الوهن وجوابهم عن استدلال المعتزلة لعمري أوهن منه، وذهب صاحب الذخائر إلى أن من الحسنات ما يكفر الصغائر والكبائر إذ قد صح في عدة أخبار من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وفي بعضها خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ومتى حملت الحسنات في الآية على الاستغراق فالمناسب حمل السيئات عليه أيضا والتخصيص خلاف الظاهر وفضل الله تعالى واسع وإلى هذا مال ابن المنذر وحكاه ابن عبد البر عن بعض المعاصرين له وعنى فيما قيل أبا محمد المحدث لكن رد عليه فقال بعضهم يقول إن الكبائر والصغائر تكفرها الطهارة والصلاة لظاهر الأحاديث وهو جهل بين وموافقة للمرجئة في قولهم ولو كان كما زعم لم يكن للأمر بالتوبة معنى وقد أجمع المسلمون على أنها فرض وقد صح أيضا من حديث أبي هريرة الصلوات كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، وفيه أن دعوى أن ذلك جهل لا يخلو عن الإفراط إذا الفرق بين القول بعموم التكفير ومذهب المرجئة في غاية الوضوح ولو صح أن ذلك ذهاب إلى قولهم للزمه مثله بالنسبة إلى التوبة فإنه يسلم أنها تكفر الصغائر

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير