تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الجمهور هذا المطلق على المقيد في الحديث الصحيح أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر فقال طائفة إن اجتنبت الكبائر كانت الحسنات كفارة لما عدا الكبائر من الذنوب وأن لم تجتنب الكبائر لم تحط الحسنات شيئا وقال آخرون إن لم تجتنب الكبائر لم تحط الحسنات شيئا منها وتحط الصغائر وقيل المراد أن الحسنات تكون سبباً في ترك السيئات كقوله تعالى: " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " لا أنها تكفر شيئاً حقيقة وهذا قول بعض المعتزلة وقال بن عبد البر ذهب بعض أهل العصر إلى أن الحسنات تكفر الذنوب واستدل بهذه الآية وغيرها من الآيات والأحاديث الظاهرة في ذلك قال ويرد الحث على التوبة في أي كبيرة فلو كانت الحسنات تكفر جميع السيئات لما أحتاج إلى التوبة ". فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر 8/ 357.

قال القرطبي عند قوله تعالى: " وأقم الصلاة طرفي النهار " لم يختلف أحد من أهل التأويل في أن الصلاة في هذه الآية يراد بها الصلوات المفروضة وخصها بالذكر لأنها ثانية الإيمان وإليها يفزع في النوائب وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة وقال شيوخ الصوفية إن المراد بهذه الآية استغراق الأوقات بالعبادة فرضا ونفلا قال بن العربي وهذا ضعيف فإن الأمر لم يتناول ذلك إلا واجبا لا نفلا فإن الأوراد معلومة وأوقات النوافل المرغب فيها محصورة وما سواها من الأوقات يسترسل عليها الندب على البدل لا على العموم وليس ذلك في قوة بشر الثانية قوله تعالى طرفي النهار قال مجاهد الطرف الأول صلاة الصبح والطرف الثاني صلاة الظهر والعصر واختاره بن عطية وقيل الطرفان الصبح والمغرب قاله بن عباس والحسن وعن الحسن أيضا الطرف الثاني العصر وحده وقاله قتادة والضحاك وقيل الطرفان الظهر والعصر والزلف المغرب والعشاء والصبح كأن هذا القائل راعى جهر القراءة وحكى الماوردي أن الطرف الأول صلاة الصبح باتفاق قلت وهذا الاتفاق ينقصه القول الذي قبله ورجح الطبري أن الطرفين الصبح والمغرب وأنه ظاهر قال بن عطية ورد عليه بأن المغرب لا تدخل فيه لأنها من صلاة الليل قال بن العربي والعجب من الطبري الذي يرى أن طرفي النهار الصبح والمغرب وهما طرفا الليل فقلب القوس ركوة وحاد عن البرجاس غلوة قال الطبري والدليل عليه إجماع الجميع على أن أحد الطرفين الصبح فدل على أن الطرف الآخر المغرب ولم يجمع معه على ذلك أحد قلت هذا تحامل من بن العربي في الرد وأنه لم يجمع معه على ذلك أحد وقد ذكرنا عن مجاهد أن الطرف الأول صلاة الصبح وقد وقع الاتفاق إلا من شذ بأن من أكل أو جامع بعد طلوع الفجر متعمدا أن يومه ذلك يوم فطر وعليه القضاء والكفارة وما ذلك إلا وما بعد طلوع الفجر من النهار فدل على صحة ما قاله الطبري في الصبح وتبقى عليه المغرب والرد عليه فيه ما تقدم والله أعلم، الثالثة قوله تعالى: وزلفاً من الليل أي في زلف من الليل والزلف الساعات القريبة بعضها من بعض ومنه سميت المزدلفة لأنها منزل بعد عرفة بقرب مكة وقرأ بن القعقاع وبن أبي إسحاق وغيرهما وزلفاً بضم اللام جمع زليف لأنه قد نطق بزليف ويجوز أن يكون واحده زلفة لغة كبسرة وبسر في لغة من ضم السين وقرأ بن محيصن وزلفاً من الليل بإسكان اللام والواحدة زلفة تجمع جمع الأجناس التي هي أشخاص كدرة ودر وبرة وبر وقرأ مجاهد وبن محيصن أيضا زلفى مثل قربى وقرأ الباقون وزلفاً بفتح اللام كغرفة وغرف قال بن الأعرابي الزلف الساعات واحدها زلفة وقال قوم الزلفة أول ساعة من الليل بعد مغيب الشمس فعلى هذا يكون المراد بزلف الليل صلاة العتمة قاله بن عباس وقال الحسن المغرب والعشاء وقيل المغرب والعشاء والصبح وقد تقدم وقال الأخفش: يعني صلاة الليل ولم يعين الرابعة قوله تعالى إن الحسنات يذهبن السيئات ذهب جمهور المتأولين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين إلى أن الحسنات ها هنا هي الصلوات الخمس وقال مجاهد الحسنات قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال بن عطية وهذا على جهة المثال في الحسنات والذي يظهر أن اللفظ عام في الحسنات خاص في السيئات لقوله صلى الله عليه وسلم ما اجتنبت الكبائر قلت سبب النزول يعضد قول الجمهور نزلت في رجل من الأنصار قيل هو أبو اليسر بن عمرو وقيل اسمه عباد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير